حروف على عتبات العمر
على عتبات العمرِ
تتراكمُ الحروفُ
كأوراقِ خريفٍ
تساقطتْ من شجرةِ الذاكرةِ.
كلُّ حرفٍ ندبةٌ
أو قبلةٌ أو صرخةٌ
مكتومةٌ في زوايا الروحِ.
ألفٌ...
أولُ البداياتِ دهشةُ
العينِ الأولى لضوءِ النهارِ
لمسةُ الأمِ الحنونةِ
على جبينٍ لم يعرفْ
بعدُ طعمَ القلقِ.
باءٌ...
بيتٌ صغيرٌ يضمُّ
حكاياتِ الجدةِ
ورائحةَ الخبزِ الدافئِ
وهمساتِ الليلِ
تحتَ سقفٍ من قمرٍ.
تاءٌ...
تجربةٌ مرَّتْ
تركتْ خلفَها
طعمَ الفقدِ المريرِ
وخطوطاً شاحبةً
على صفحةِ القلبِ.
ثاءٌ...
ثرثرةُ الأصدقاءِ
ضحكاتٌ تترددُ
في أزقةِ الطفولةِ
وعهودٌ قطعتْ
على جذعِ شجرةٍ عتيقةٍ.
جيمٌ...
جرحٌ قديمٌ
يطلُّ برأسهِ
أحياناً في ليالي
الوحدةِ يُذكِّرُ بالضعفِ الإنسانيِّ
وبهشاشةِ الأحلامِ.
حاءٌ...
حنينٌ دائمٌ
لأيامٍ مضتْ
لن تعودَ أبداً
شوقٌ خفيٌّ
يسكنُ ثنايا الروحِ.
خاءٌ...
خيبةٌ موجعةٌ
كسرتْ غصناً
يانعاً في بستانِ الأملِ
وتركتْ فراغاً
لا يملؤهُ الزمنُ.
دالٌ...
دمعةٌ ساخنةٌ
انزلقتْ على خدٍّ
في لحظةِ انكسارٍ
شاهدةٌ صامتةٌ
على عظمةِ الألمِ.
ذالٌ...
ذكرى عابرةٌ
تومضُ فجأةً
في زحامِ الحياةِ
ابتسامةٌ باهتةٌ
لوجهٍ غائبٍ.
راءٌ...
رجاءٌ معلَّقٌ
بنجمةٍ بعيدةٍ
أملٌ يتجددُ
مع كلِّ إشراقةِ شمسٍ.
زينٌ...
زمنٌ يمضي
بخطواتٍ ثقيلةٍ
يأخذُ معه
براءةَ البداياتِ
ويتركُ خلفَهُ
تجاعيدَ الحكمةِ.
سينٌ...
سرٌّ دفينٌ
يُخبئه القلبُ
لا يبوحُ بهِ
إلا للوسادةِ
في عتمةِ الليلِ.
شينٌ...
شوقٌ جامحٌ
لأرضٍ بعيدةٍ
لبحرٍ هائجٍ
لأحضانٍ دافئةٍ.
صادٌ...
صبرٌ جميلٌ
تسلحَ بهِ الروحُ
في وجهِ العواصفِ
إيمانٌ خفيٌّ
بقوةِ الاحتمالِ.
ضادٌ...
ضياعٌ للحظةٍ
في متاهاتِ
الفكرِ سؤالٌ حائرٌ
عن معنى الوجودِ.
طاءٌ...
طيفٌ يلوحُ
في سماءِ الذاكرةِ
وجهٌ عزيزٌ
رحلَ بعيداً.
ظاءٌ...
ظلٌّ يلازمُني
في وحدتي
صمتٌ عميقٌ
يُصغي إلى نبضِ القلبِ.
عينٌ...
عشقٌ تغلغلَ
في أعماقِ الروحِ
نارٌ هادئةٌ تُضيءُ
دروبَ الحياةِ.
غينٌ...
غصةٌ في الحلقِ
كلمةٌ لم تُقلْ
اعتذارٌ تأخرَ.
فاءٌ...
فرحٌ خاطفٌ كفراشةٍ
ملونةٍ حلَّقَ
ثمَّ اختفى.
قافٌ...
قوةٌ كامنةٌ
تستيقظُ فجأةً
في لحظةِ التحدي.
كافٌ...
كلماتٌ تبعثرتْ
في مهبِّ الريحِ
وعودٌ نُسيتْ.
لامٌ...
ليلٌ طويلٌ
يُعانقُ السهرَ
ويستمعُ إلى
أنينِ الروحِ.
ميمٌ...
مرارةٌ تذوقتها
في منعطفٍ حادٍّ
من دروبِ العمرِ.
نونٌ...
نداءٌ خفيٌّ
يأتيني من بعيدٍ
يدعوني إلى المضيِّ.
هاءٌ...
همسةٌ رقيقةٌ
من صوتٍ أحبُّهُ
تُعيدُ الدفءَ
إلى قلبي.
واوٌ...
وحدةٌ تخالجني
في زحامِ الوجوهِ
شوقٌ للانتماءِ.
ياءٌ...
يأسٌ تسللَ
في لحظةِ ضعفٍ
لكنَّ الأملَ
سرعانَ ما عادَ.
هذهِ الحروفُ
هي خريطتي
في رحلةِ العمرِ
كلُّ حرفٍ محطةٌ
قصةٌ أو أغنيةٌ
تعزفُها الأيامُ
على أوتارِ الروحِ.
وعلى عتباتِ
العمرِ سأظلُّ
أجمعُ الحروفَ
أُعيدُ ترتيبَها
أكتبُ بها
حكاياتي القادمةَ.
بقلم الشاعر والناقد الاردني
دكتور محمد سليط