قصيدة & التحديق في صورة & بقلم الشاعر : أحمد جيجان

 التحديق في صورة

-----

أَتَأَمَّلُ في صُوَرِ الماضي

أَفراحَ العاشِقِ و الوَلْهان 

تَبْرُزُ من رأسي 

كُلُّ الصُّوَرِ الشّائِكَةِ الأَلوان 

أَصْرُخُ كالمَلدوغِ 

أُناجي الوِديان 

و أُتابِعُ إِخفاءَ ذُنوبي 

في قَمَرٍ تُجَلِّلُهُ الأَكْفان 

أَتَخَلّى عن وَهْجِ الشَّمسِ الصّارِخِ في أَعْماقي 

أَتَحَرَّكُ صَوْبَ المَـدِّ الظّاهِرِ في عينيكِ 

أَفْرَحُ بالنَّسْمَةِ 

بالبَسْمَةِ 

بالشَّهْوَةِ 

أَدنو من شَفَتَيكِ 

و أُباعِدُ ما بينَ يَدَيْكِ و قَصْرِ الشَّوْقِ 

أَتَمَسَّكُ بالتوتِ الشّاميِّ 

يَتَدَلّى من بينِ يَدَيْكِ 

أُخْرِجُ من أَصْدافِ الماضي 

أَشْهى الأَلحان ..

***

عادَتْ ذاكِرَتي تتَجَرَّعُ من خَفَقاتِ القلب 

و تُحاولُ إظهارَ الأسماءِ 

ساعةَ بِدْءِ الدَّرب ..

يَتَساقَطُ تُفاح الجنّة

تُزهِرُ في صَمتٍ ساعاتُ الحب 

يُصبحُ لحياتي فجرٌ 

تتراقصُ أشباحُ الكلمات 

و تُهَلوِسُ في آنيةِ الذكرى 

همساتُ الحرمان 

تتهادى في رأسي رَعشاتُ الأقلام 

و أحاولُ في صدري

تَهدِئةَ الأمواج ..

***

أُغري بالكرزِ المُتَدلي حقلَ الشَّفتين 

تتسابقُ أشواقي

تنضُبُ أعصابي 

أقرأُ بِطهارةِ وَجهكِ تاريخَ عذابي 

فأُحسُّ بهاجِسٍ لا يوصَف 

يُقبِلُ من جهةٍ لا تُعرَف 

أسألُ روحي 

لِمَ تُعْزَفُ أحلامي بخيوطِ المنفى 

تتطايرُ في شوقٍ

لا تُلْمَس 

تَبعُدُ عنّي

تَرسُمُ قلبي في حُزنٍ أخرَس 

و لماذا يَرتَدُّ العصفورُ الخائفُ للغابات 

و لماذا تهرُبُ من بينِ الشَّفَتين الكلمات 

تتعلَّقُ بالصَّمتِ القابعِ في الأعماق 

تُبحرُ في سُفُنِ الزَّمنِ الآتي 

و تُهاجِرُ أسرابُ النورس ..

**^

يشتعلُ البحرُ الهامسُ 

في نارِ العينين الذابلتين

فأُناديكِ : 

خذيني طفلاً ورديَّ العينين 

***

تَسكنُ آلامُ الدربِ المجهول 

تنسابُ بلوحاتِ العمرِ التائهِ كالأحلام

أَصرخُ فيها كالطّفلِ

أَحملُ في السِّرِ آهاتِ السَّفرِ 

نحوَ الماضي الغارقِ في الأعماق

أَدخلُ في البحرِ الواسعِ أَشرعةً 

و تَضيعُ سُفُنُ الهذيان ..

***

أَسأَلُكِ يا ابنةَ أُمِّ الشمس

لِمَ يَرغبُ عُصفورٌ في التّغريد

و يُداعبُ عيدانَ الأقفاص ..

تنكَفِئُ العينانُ هباءً 

ساعةَ يُمحىٰ من وَهمِ الأحلامِ الإخلاص 

تتناثرُ كالوَرقِ الهابطِ من فوقِ سَحاب 

ينهارُ الصَّمتُ كأحلامِ شباب

تغرقُ في بحرِ النسيان

يُبحرُ فيها موجُ التّذكار 

يحملُها كَفنُ الأقدار 

تُدْفَنُ في بُرَكِ الأحزان ..

***

أُبصِرُها الليلةَ وحيدة 

عاشقةً لأغاني الأطفال 

تَهْوَى بملءِ الروحِ الشِّعرَ الوَثاب 

تَرسمُ أشعاري في الوَجهِ الذاهلِ 

تَرتَدُّ بوجهي كلُّ الأشعار 

أنفخُ في صورتِكِ الأشياء 

يرتَـدُّ الهاتفُ كالصّوتِ العائمِ فوقَ الأمواج 

" قومي من نومِكِ .. هَبّي

اِنتَفِضي من أسْرِكِ 

و اهتزّي في وجهِ الطوفان

لا تَقِفي جامِدَةً كالتّمثال 

اِنطَلِقي في وَمْضِ البرقِ 

كالإِعصار 

ثوري كالبُركان ..

هُـدّي - بشراهةِ مفجوعٍ - سورَ الظّلمِ 

و انعتقي من ذُلِّ الحرمان ..

***

تمشي تِيهاً ، تَتَشهّى 

تتكلّمُ حيناً ، تَتَلوّى 

تَشْـعُرُ بعذابي ، تتألم 

تَصرخُ ثائِرةً ، تتوهّم 

و يُعَذِّبُني الهَمُّ 

يُفاجِئُني 

و تَهِيمُ بقلبي أَنَّـةُ صوتِكِ 

و تُـزاحِمُ وَهْوَهَةَ الأحزان 

فَأُحَـدِّقُ في ضِحكتكِ الثّكلى 

أَدخُلُ روحاً في قلبِ الأشياء 

أَكتشفُ الفرحةَ 

وَمْضَ الشَّوقِ 

صفاءَ الوجهِ 

و كلَّ عذاباتي 

أَتَذكَّرُ هَدْأَتَكِ الأُولى 

تَهْويمَةَ عينيكِ 

أَضيعُ بدوّامةِ آهاتي 

زيديني حُبّـاً ، سَـتَرِيني

أُسْكَبُ أزهاراً

و طَرائِقَ أشواقٍ 

و أُباهي بِبراءة عينيكِ 

لِداتي ...

أحمد جيجان

_ دمشق _