الخميس، 25 مارس 2021

قصة & النار التي لا تطفئها العاصفة & بقلم الأديب : سلمان فراج

 النار التي لا تطفئها العاصفة


1


تخلف الفارس عن الغزو ليبقى قريباً من خطيبته التي لم يعد أبوها من الحرب. علم الكاهن الكبير بالحكاية فاستحضرهما الى الهيكل، نظر الى الفتاة فأغرم بها حتى غاب صوابه وأفتى بغباء قلبيهما، ولما عصي مراده أمر بمحاسبة الفارس الجبان. لما اختفى الفارس عن العيون صار يراود الفتاة عن نفسها وأمر بحجزها فاحتملت المهانة بصبر، وعندما ذاع الخبر تململ صغار الكهنة فشردهم عن القصر وأصبح له عيون وزبانية كثيرون وصار له سلطان.


2


لم يتمكن من القبض على الفارس ولم يطعه قلب الفتاة فاستحضر آلة الشر وحالفهم فأفتوا له بحماس شديد:

- يصير الفارس ذئباً في الليل وتصير الفتاة صقراً في النهار فلا يلتقيان بآدميتهما ويتعذبان بحبهما إلى الأبد ما كان نهار وما كان ليل.

وحذرته آلة الشر من النار التي لا تطفئها العاصفة.

وضع الكاهن السحر في صندوق من الحديد وخبأه في خزانة سرية وامتلأ قلبه غيظا.

صار العاشقان يلتقيان في الغابة فارساً وصقراً في النهار وذئباً وحسناء في الليل يلازم الصقر ذراع فارسه نهاراً ويحرس الذيب حسناءه ليلاً... ويتعذبان.


3

جاءت العيون للكاهن الكبير بخبر العاشقين فما شفى غليله واشتدت عليه الغيرة رغم ما حل بهما. جفاه النوم في الليالي وبان عليه القلق والاضطراب في رعيته. وفي سورة جنون عارم أمر عريف الجند بقتل الفارس وصرخ به:


- لتبق الفتاة وحيدة على حالها... لتتعذب إلى الأبد ...، وحذره من إيذائها مهما كان.


صار الجند يلاحقون الفارس نهاراً فيسرع الصقر بتحذيره من وجهتهم فيختفي عن عيونهم ويوقع بهم المرة بعد المرة، وصاروا يصطادون الذئاب ليلاً بالمصائد فلا يقع فيها لملازمة الفتاة. 


4


في الليالي فكرت الفتاة في حالهما وبكت وحدها وفي النهار فكر الفارس في بكائها ولم يستطع أن يسألها لأنها كانت تتحول إلى صقر، وفي أحد الأيام هبت العاصفة واشتد المطر والبرد، ولما قارب النهار على نهايته فطن أنه سيتحول إلى ذئب وستعود هي إلى آدميتها فخاف عليها من العاصفة وبحماس ليس له نظير تلفت حوله وتطلع إلى الجبل فرأى بناء مهدماً، طار إليه واندس تحت أحد سقوفه المتهاوية وأشعل ناراً ثم راح يتحول إلى ذئب وراح الصقر يتحول إلى ملاك وديع.


5


أطل ناسك الجبل من حجرته فرأى في ضوء النار الخابية حسناء حزينة تداعب بأصابعها الصغيرة وجه الذئب الرابض مستسلماً إلى جوارها بأمان. كاد لا يصدق عينيه، أنعم النظر فلمح دموعاً تتساقط من عينيها الجميلتين. بأسرع من لمح البصر تذكر قصة الفارس والفتاة اليتيإمة التي راودها الكاهن الكبير عن نفسها وتذكر السحر الذي أفتى له آلهة الشر. لكي يتأكد من الأمر عاد إلى حجرته مسرعاً ، فتح الصندوق الذي سرقه من خزانة الكاهن الكبير قبل أن يهرب للبرية وراح يتأكد مما جاء في أوراق ذلك السحر المخبوءة فيه. بعد قليل انفجرت أساريره وهرول للخارج حامل الأوراق بفرح لا يوصف وراح يزيد النار حطباً ويصب عليها الزيت ويحرق السحر إلى أن طلع الصباح وهدأت العاصفة وتحول الذئب إلى فارس ولم تتحول الحسناء إلى صقر. 


6


يحكى أنه كلما صبّ الناسك زيتاً على النار كانت العاصفة تحمل حفنة من اللهب وتدسها في قلب الكاهن الكبير فيصرخ من الألم ، وظل يصرخ ويصرخ بين زبانيتة الذين ما اقتنعوا يوماً بسلامة عقله إلى أن احترقت احشاؤه وتصاعد منه دخان منتن كريه.


أما العاشقان فقد عاد بهما الناسك إلى المدينة واستقبلهم الناس بفرح عظيم.    


   بقلم الأديب والشاعر سلمان فراج




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

♕ شعارات وأشعار ♕ بقلم الشاعر : شريف محمود حسن

 شعارات وأشعار شعارات واشعار والقدس ينهار عدوأ لا يعرف عهداودوما خانئا غدار لايعرف سوا الحرب والقصف والدمار واطفالا تقاوم الموت بالامل والاح...