............................ كَانَ بَابَا ..............................
... الشَّاعِرُ الأديبُ ... ... قِصَّةٌ قَصِيْرَةٌ ...
....... محمد عبد القادر زعرورة ... .. الجُزءُ الأوَّلُ ..
غَادةُ فتاةٌ في عمرِ الزُّهورِ ، من أُسرةٍ ثريَّةٍ من أُسَرِ المدينةِ .
جَميلةٌ حسناءُ ، في السَّنةِ الأُولىَ في الجامعةِ قسمُ العلومِ الكيميائيَّةِ .
رأَتهُ في حديقةِ الجامعةِ ، شابٌّ وسيمٌ تبدو عليهِ علاماتُ الرَّزانةِ والهُدوءِ ، وجهُهُ ينطِقُ بالثِّقةِ وحُسنُ الخُلُقِ ، ومظهَرُهُ
يُوحِي بأَنَّهُ إبنُ الطَّبقةِ الوُسطىَ ، لِباسُهُ وهَيئَتُهُ العامًّةُ .
( خالدُ ) في السَّنَةِ الرَّابعةِ في قسمِ العلومِ الكيميائيَّةِ أُعجِبَت به الفتاةُ ( غادةُ ) أَيَّما إعجابٍ ، بَدأتْ تُلاحِقُهُ بِنَظَراتِ الإعجابِ وتُتْبِعُها بابتِسامتِها الرَّقيقةِ الَّتي تَخطُفُ الألبابَ ،
لكنَّهُ لم يكتَرثْ ظَانَّاً أَنَّ هذه النَّظَراتُ ليسَتْ لهُ ، ومَظهرُها
يُؤَكِّدُ لهُ ذلكَ .
عَدَمُ اكتِراثِهِ زادَها وَلَعَاً وإعجاباً بهِ ، وهيَ الَّتي يَتَمَنَّىَ الكثيرُ
منَ الشَّبابِ نَظرةً واحدةً من عَيْنَيها الجَميلتَينِ ، وبسمَةً من
بَسَماتِ ثَغرِها الزَّهريِّ الجَذَّابِ .
بَدَأتْ ( غادةُ ) تَتَقرَّبُ منَ الشَّابِّ ( خالد ) بالجُلوسِ علىَ
مِقعَدِهِ في الحديقةِ لِمَرَّاتٍ عِدَّةٍ ، يَفوحُ عِطرُها حولَهُ عَبِقَاً ،
وَيَختَرقُ أَنفَهُ لِيُنْشيهِ بأريجٍ لمْ يَعْتَدْهُ أبداً .
تُدَنْدِنُ قُربَهُ كَتغريدِ عُصفورٍ يشدو ألحانَهُ مُرَفرِفاً بِجَناحَيْهِ
وَيَرغَبُ أن يَحُطَّ على كَتِفَيْهِ .
سَألَتْهُ في أيَّةِ سَنةٍ أنتَ يا صَديقي ؟؟؟
رَدَّ عليها مُبتَسِماً ... في السَّنَةِ الرَّابعةِ وسَأَتخَرَّجُ بِنِهايَةِ العامِ
الدِّراسيِّ إن شاءَ اللهُ ، وبتَقديرٍ مُمتازٍ .
سَألَها وجَنابُكِ في أيَّةِ سَنةٍ ؟؟؟
قالت : في السَّنَّةِ الأولىَ .
رَدَّ قائِلاً : أُوهْ الطَّريقُ أَمامَكِ طَويلَةٌ .
فابْتَسَمَتْ مُبدِيَةً شيئَاً منَ التَّواضُعِ المُزَركَشٌ بِشَيئٍ مِنَ الدَّلَعِ
والتَّوَدُّدِ والخَجَلِ .
كانتْ بَسْمَتُها المُزخرَفةُ بالتَّوَدَّدِ والخَجَلِ والعِطرِ والرِّقَّةِ والجَمالِ الحَبْلُ الَّذي شَدَّهُ إليها بقُوَّةٍ وَشَغَفٍ .
قالت لهً : هَل يُمكنُكَ أنْ تَعتَبِرَني صَديقَةً لكَ ، ورُبَّما أحتاجُ
مُساعدتُكَ في بعضِ المَسائلِ الدِّراسِيَّةِ .
رَدَّ قائِلاً : على الرَّحْبِ والسَّعَةِ ولن أبخَلَ عليكِ بمُساعدَتي .
بَدَأتْ تَتَوطَّدُ الصَّداقَةُ بينَهُما ، وهيَ المُتابعةُ الشَّغوفةُ والحَريصَةُ على استِمرارِها .
أخَذَ كُلُّ منهما بالتَّعَرُّفِ على الآخَرِ بأَدَقِّ التَّفاصيلِ ، ظروفَهَ ، اسرتَهُ ، وضعَهُ الإقتصاديَّ والاجتماعيَّ ، رغباتِهِ ، هواياتِهِ ،
آمالَهُ .
أَخبَرَها ( خالد ) بأَنَّهُ من الرِّيفِ وابنُ أُسرةٍ تعملُ بالزِّراعةِ
بأرضِها والحالُ مَستورةٌ ولهُ العديدُ منَ الإخوةِ والأخَواتِ ،
كلُّهم يدرسون وفي أوقاتِ الفَراغِ يُساعدون والدَيهِما في
أعمالِ الزِّراعةِ ، يتعاونُ الجميعُ علىَ تأمين حياة أفضل .
قالت : أنا من أسرةٍ مَيسورةٍ ووالدي يعملُ بالتِّجارةِ ،
ويمكنُ أن تعتبرَني من الطَّبقةِ الوُسطىَ المُرتاحَةِ جدَّاَ .
استَمرَّت الِّلقاءاتِ بينهما وكانت حريصةً على شَدِّ قلبهِ
وعواطِفهِ نحوها بدهاءٍ وذكاءٍ لشِدَّةِ تَعلُّقِها به ، وبعدَ عدَّةِ
أشهُرٍ تَحوَّلت الصَّداقةُ إلى حُبٍّ جارفٍ واتَّفقا على الزَّواجِ
بعدَ تَخَرُّجِها .
استَمرَّت علاقةُ الحُبِّ بينهما لسنواتِ الدَّراسَةِ كُلِّها ، وكانت
لقاءاتُهما كُلُّها في حديقةِ الجامعةِ فقط .
عندما أصبحتْ غادةُ في السَّنةِ الرَّابعةِ ، فاتَحَتْ والدتَها ووالدَها بموضوعِ حُبِّها لخالد ذاكرةً كلَّ مَزاياهُ وصِفاتِهِ
وظرروف أسرَتِهِ وأهلِهِ .
سَألَها والدُها : هل يعرفُ خالدُ أَنَّنا مِن أثرياءِ المدينَةِ ؟؟؟
وأنَّكِ تَعيشينَ في مستوىً عالٍ منَ الرَّفاهِ ، وهلْ يقدرُ أنْ
يُؤمِّنَ لَكِ هذا ؟؟؟ أو مُستَوىً قريباً من مُستوىَ عَيشِكِ ؟؟؟
قالتْ : لم أقُلْ لهُ هذا ، بلْ أخبَرتُهُ أَنَّ والدي تاجِرٌ والحَالُ مَيسورةٌ نوعاَ ما .
ضَحِكَ والدُها قائلاَ : يبدو أنَّكِ أنتِ مَن أحبَبْتيهِ وشَدَّيتيهِ
إليكِ شَدَّاً ، وأخفَيتِ عليهِ الكثيرَ من ظُروفِ حياتِكِ المادَّيَّةِ المَيسورةِ .
قالتْ : إنَّهُ شابٌّ وسيمٌ خَلوقٌ هادئٌ ورَزينٌ ومُلتَزِمٌ ، ولم
أًلاحِظُ عليهِ ما أُشاهِدُهُ من أحوالِ الشَّبابِ في هذه الأيَّامِ
منَ الخِفَّةِ والدَّلَعِ والتَّحَرُّشِ ومُلاحَقَةِ الفَتَياتِ الجَميلاتِ
مِثلي خاصَّةً ، فأُعجِبْتُ بهِ وقُلتُ هذا هوَ فارِسُ أَحلامي .
ضَحِكَ والدُها قائلاَ : يَعني أنتِ مَنْ أوقعتيهِ في شِباكِكِ ،
ويَبدو أنَّكِ غارِقَةٌ بِبَحرِ هواهُ إلى الأعماقِ .
ضَحِكتْ قائلةً : نعم هذا صحيحٌ ، لكنَّهُ في النَّهايَةَ أَحَبَّني
كما أحْبَبْتُهُ ، وإنَّني أعترفُ بأنَّ حُبِّي لهُ ولصِفاتِهِ جارِفٌ ،
وربَّما أَحبَبْتُهُ أكثَرَ ممَّا أَحَبَّني ، فأنا أشعرُ بِرَزانَتِهِ وثقتِهِ
العاليةِ بنفسِهِ ، يُحِبُّني لكنْ دونَ اندِلاقٍ .
طَلَبَ والدُها مقابلةَ خالدٍ للتَّعَرُّفَ عليهِ عن قُربٍ ، ومعرفةِ
أحوالِهِ وإمكاناتِهِ المادِّيَّةِ .
حَضَرَ خالدُ وأُعجِبَتْ والِدَتُها بهِ لدَرَجَةٍ عاليةٍ ، لكن المُشكلةُ
في ظروفِهِ المادِّيَّةِ وعدمِ قُدرَتِهِ على تأمينِ الحياةِ والرَّفاهِ
الَّتي اِعتادَتْ عليهِ غادَةُ ، ورفضَ أيَّةَ مُساعدَةٍ من والِدِها
قَبلَ الزَّواجِ وبعدَهُ لأَنَّ كرامَتَهُ وعاداتِهم لا تَسمَحُ بذلكَ أَبَداً .
أُعجِبَ والدُ غادة بهذا الشَّابِّ كثيراً لكنَّ المُشكِلةُ تكمُن في
أمرينِ ، ظروفُهُ المادِّيَّةِ ورفضُهُ المُساعَدَةَ إطلاقاً ...
بَيَّنَ والدُ غادة لابنتِهِ أنَّ هذه مشكلةٌ جِدُّ هامَّةٌ قد تعتَرضُ حياتَها الزَّوجَيَّةَ مع خالد ،
قائلاَ : يا ابنَتي قد يُعْجِبُكِ الفُستانُ جدَّاً ، قِماشَتُهُ ، ألوانُهُ ،
جَمالُهُ ، إتقانُ صَنعَتَهِ ، طِرازُهُ ، ....
لكنْ إنْ كانَ ضَيَّقَاً لا يُريحُكِ ، وإنْ كانَ واسعاَ لا
يَروقُكِ ولا يَسُرُّكِ ، فالمَرْءُ يلبِسُ على قِياسِهِ .
فخالدُ شابٌ مُهَذَّبٌ خَلوقٌ ولا أجملُ ولا أروعُ لكنَّهُ ضَيِّقٌ
عليكِ ولن تَرتاحي إنْ تَزوَّجتِ منهُ لظروفهِ المادِّيَّةِ .
صَحيحُ أنَّ صِفاتَهَ الشَّخصِيَّةَ مُلائمةٌ تماماً ، لكنَّكِ لن تَستطيعي تحَمُّلَ وضعَهُ المادَّيِّ لفترةٍ طويلةٍ وقد اِعتَدْتِ
حَياةَ الرَّفاهِ .....
............................ اِنتهى الجُزءُ الأوَّلُ ...........
..................................... الجُزءُ الثَّاني يَتبَعُ ...
كُتِبَت في / ٢٧ / ٧ / ٢٠٢٢ /
... الشَّاعرُ الأديبُ ...
....... محمد عبد القادر زعرورة ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق