الأربعاء، 21 سبتمبر 2022

& كَانَ بَابَا & بقلم الأديب : محمد عبد القادر زعرورة

 ............................ كَانَ بَابَا ..............................

... الشَّاعِرُ الأديبُ ... ... قِصَّةٌ قَصِيْرَةٌ ...

....... محمد عبد القادر زعرورة ... .. الجُزءُ الأوَّلُ ..


غَادةُ فتاةٌ في عمرِ الزُّهورِ ، من أُسرةٍ ثريَّةٍ من أُسَرِ المدينةِ .

جَميلةٌ حسناءُ ، في السَّنةِ الأُولىَ في الجامعةِ قسمُ العلومِ الكيميائيَّةِ .

رأَتهُ في حديقةِ الجامعةِ ، شابٌّ وسيمٌ تبدو عليهِ علاماتُ الرَّزانةِ والهُدوءِ ، وجهُهُ ينطِقُ بالثِّقةِ وحُسنُ الخُلُقِ ، ومظهَرُهُ

يُوحِي بأَنَّهُ إبنُ الطَّبقةِ الوُسطىَ ، لِباسُهُ وهَيئَتُهُ العامًّةُ .

( خالدُ ) في السَّنَةِ الرَّابعةِ في قسمِ العلومِ الكيميائيَّةِ أُعجِبَت به الفتاةُ ( غادةُ ) أَيَّما إعجابٍ ، بَدأتْ تُلاحِقُهُ بِنَظَراتِ الإعجابِ وتُتْبِعُها بابتِسامتِها الرَّقيقةِ الَّتي تَخطُفُ الألبابَ ،

لكنَّهُ لم يكتَرثْ ظَانَّاً أَنَّ هذه النَّظَراتُ ليسَتْ لهُ ، ومَظهرُها

يُؤَكِّدُ لهُ ذلكَ .

عَدَمُ اكتِراثِهِ زادَها وَلَعَاً وإعجاباً بهِ ، وهيَ الَّتي يَتَمَنَّىَ الكثيرُ

منَ الشَّبابِ نَظرةً واحدةً من عَيْنَيها الجَميلتَينِ ، وبسمَةً من

بَسَماتِ ثَغرِها الزَّهريِّ الجَذَّابِ .

بَدَأتْ ( غادةُ ) تَتَقرَّبُ منَ الشَّابِّ ( خالد ) بالجُلوسِ علىَ

مِقعَدِهِ في الحديقةِ لِمَرَّاتٍ عِدَّةٍ ، يَفوحُ عِطرُها حولَهُ عَبِقَاً ،

وَيَختَرقُ أَنفَهُ لِيُنْشيهِ بأريجٍ لمْ يَعْتَدْهُ أبداً .

تُدَنْدِنُ قُربَهُ كَتغريدِ عُصفورٍ يشدو ألحانَهُ مُرَفرِفاً بِجَناحَيْهِ

وَيَرغَبُ أن يَحُطَّ على كَتِفَيْهِ .

سَألَتْهُ في أيَّةِ سَنةٍ أنتَ يا صَديقي ؟؟؟

رَدَّ عليها مُبتَسِماً ... في السَّنَةِ الرَّابعةِ وسَأَتخَرَّجُ بِنِهايَةِ العامِ

الدِّراسيِّ إن شاءَ اللهُ ، وبتَقديرٍ مُمتازٍ .

سَألَها وجَنابُكِ في أيَّةِ سَنةٍ ؟؟؟

قالت : في السَّنَّةِ الأولىَ .

رَدَّ قائِلاً : أُوهْ الطَّريقُ أَمامَكِ طَويلَةٌ .

فابْتَسَمَتْ مُبدِيَةً شيئَاً منَ التَّواضُعِ المُزَركَشٌ بِشَيئٍ مِنَ الدَّلَعِ 

والتَّوَدُّدِ والخَجَلِ .

كانتْ بَسْمَتُها المُزخرَفةُ بالتَّوَدَّدِ والخَجَلِ والعِطرِ والرِّقَّةِ والجَمالِ الحَبْلُ الَّذي شَدَّهُ إليها بقُوَّةٍ وَشَغَفٍ .

قالت لهً : هَل يُمكنُكَ أنْ تَعتَبِرَني صَديقَةً لكَ ، ورُبَّما أحتاجُ

مُساعدتُكَ في بعضِ المَسائلِ الدِّراسِيَّةِ .

رَدَّ قائِلاً : على الرَّحْبِ والسَّعَةِ ولن أبخَلَ عليكِ بمُساعدَتي .

بَدَأتْ تَتَوطَّدُ الصَّداقَةُ بينَهُما ، وهيَ المُتابعةُ الشَّغوفةُ والحَريصَةُ على استِمرارِها .

أخَذَ كُلُّ منهما بالتَّعَرُّفِ على الآخَرِ بأَدَقِّ التَّفاصيلِ ، ظروفَهَ ، اسرتَهُ ، وضعَهُ الإقتصاديَّ والاجتماعيَّ ، رغباتِهِ ، هواياتِهِ ، 

آمالَهُ .

أَخبَرَها ( خالد ) بأَنَّهُ من الرِّيفِ وابنُ أُسرةٍ تعملُ بالزِّراعةِ 

بأرضِها والحالُ مَستورةٌ ولهُ العديدُ منَ الإخوةِ والأخَواتِ ،

كلُّهم يدرسون وفي أوقاتِ الفَراغِ يُساعدون والدَيهِما في 

أعمالِ الزِّراعةِ ، يتعاونُ الجميعُ علىَ تأمين حياة أفضل .

قالت : أنا من أسرةٍ مَيسورةٍ ووالدي يعملُ بالتِّجارةِ ،

ويمكنُ أن تعتبرَني من الطَّبقةِ الوُسطىَ المُرتاحَةِ جدَّاَ .

استَمرَّت الِّلقاءاتِ بينهما وكانت حريصةً على شَدِّ قلبهِ

وعواطِفهِ نحوها بدهاءٍ وذكاءٍ لشِدَّةِ تَعلُّقِها به ، وبعدَ عدَّةِ 

أشهُرٍ تَحوَّلت الصَّداقةُ إلى حُبٍّ جارفٍ واتَّفقا على الزَّواجِ

بعدَ تَخَرُّجِها .

استَمرَّت علاقةُ الحُبِّ بينهما لسنواتِ الدَّراسَةِ كُلِّها ، وكانت

لقاءاتُهما كُلُّها في حديقةِ الجامعةِ فقط .

عندما أصبحتْ غادةُ في السَّنةِ الرَّابعةِ ، فاتَحَتْ والدتَها ووالدَها بموضوعِ حُبِّها لخالد ذاكرةً كلَّ مَزاياهُ وصِفاتِهِ 

وظرروف أسرَتِهِ وأهلِهِ .

سَألَها والدُها : هل يعرفُ خالدُ أَنَّنا مِن أثرياءِ المدينَةِ ؟؟؟

وأنَّكِ تَعيشينَ في مستوىً عالٍ منَ الرَّفاهِ ، وهلْ يقدرُ أنْ

يُؤمِّنَ لَكِ هذا ؟؟؟ أو مُستَوىً قريباً من مُستوىَ عَيشِكِ ؟؟؟

قالتْ : لم أقُلْ لهُ هذا ، بلْ أخبَرتُهُ أَنَّ والدي تاجِرٌ والحَالُ مَيسورةٌ نوعاَ ما .

ضَحِكَ والدُها قائلاَ : يبدو أنَّكِ أنتِ مَن أحبَبْتيهِ وشَدَّيتيهِ

إليكِ شَدَّاً ، وأخفَيتِ عليهِ الكثيرَ من ظُروفِ حياتِكِ المادَّيَّةِ المَيسورةِ .

قالتْ : إنَّهُ شابٌّ وسيمٌ خَلوقٌ هادئٌ ورَزينٌ ومُلتَزِمٌ ، ولم

أًلاحِظُ عليهِ ما أُشاهِدُهُ من أحوالِ الشَّبابِ في هذه الأيَّامِ

منَ الخِفَّةِ والدَّلَعِ والتَّحَرُّشِ ومُلاحَقَةِ الفَتَياتِ الجَميلاتِ 

مِثلي خاصَّةً ، فأُعجِبْتُ بهِ وقُلتُ هذا هوَ فارِسُ أَحلامي .

ضَحِكَ والدُها قائلاَ : يَعني أنتِ مَنْ أوقعتيهِ في شِباكِكِ ،

ويَبدو أنَّكِ غارِقَةٌ بِبَحرِ هواهُ إلى الأعماقِ . 

ضَحِكتْ قائلةً : نعم هذا صحيحٌ ، لكنَّهُ في النَّهايَةَ أَحَبَّني 

كما أحْبَبْتُهُ ، وإنَّني أعترفُ بأنَّ حُبِّي لهُ ولصِفاتِهِ جارِفٌ ، 

وربَّما أَحبَبْتُهُ أكثَرَ ممَّا أَحَبَّني ، فأنا أشعرُ بِرَزانَتِهِ وثقتِهِ

العاليةِ بنفسِهِ ، يُحِبُّني لكنْ دونَ اندِلاقٍ .

طَلَبَ والدُها مقابلةَ خالدٍ للتَّعَرُّفَ عليهِ عن قُربٍ ، ومعرفةِ

أحوالِهِ وإمكاناتِهِ المادِّيَّةِ .

حَضَرَ خالدُ وأُعجِبَتْ والِدَتُها بهِ لدَرَجَةٍ عاليةٍ ، لكن المُشكلةُ

في ظروفِهِ المادِّيَّةِ وعدمِ قُدرَتِهِ على تأمينِ الحياةِ والرَّفاهِ

الَّتي اِعتادَتْ عليهِ غادَةُ ، ورفضَ أيَّةَ مُساعدَةٍ من والِدِها 

قَبلَ الزَّواجِ وبعدَهُ لأَنَّ كرامَتَهُ وعاداتِهم لا تَسمَحُ بذلكَ أَبَداً .

أُعجِبَ والدُ غادة بهذا الشَّابِّ كثيراً لكنَّ المُشكِلةُ تكمُن في 

أمرينِ ، ظروفُهُ المادِّيَّةِ ورفضُهُ المُساعَدَةَ إطلاقاً ...

بَيَّنَ والدُ غادة لابنتِهِ أنَّ هذه مشكلةٌ جِدُّ هامَّةٌ قد تعتَرضُ حياتَها الزَّوجَيَّةَ مع خالد ،

قائلاَ : يا ابنَتي قد يُعْجِبُكِ الفُستانُ جدَّاً ، قِماشَتُهُ ، ألوانُهُ ،

          جَمالُهُ ، إتقانُ صَنعَتَهِ ، طِرازُهُ ، ....

          لكنْ إنْ كانَ ضَيَّقَاً لا يُريحُكِ ، وإنْ كانَ واسعاَ لا  

         يَروقُكِ ولا يَسُرُّكِ ، فالمَرْءُ يلبِسُ على قِياسِهِ .

فخالدُ شابٌ مُهَذَّبٌ خَلوقٌ ولا أجملُ ولا أروعُ لكنَّهُ ضَيِّقٌ 

عليكِ ولن تَرتاحي إنْ تَزوَّجتِ منهُ لظروفهِ المادِّيَّةِ .

صَحيحُ أنَّ صِفاتَهَ الشَّخصِيَّةَ مُلائمةٌ تماماً ، لكنَّكِ لن تَستطيعي تحَمُّلَ وضعَهُ المادَّيِّ لفترةٍ طويلةٍ وقد اِعتَدْتِ

حَياةَ الرَّفاهِ .....


............................ اِنتهى الجُزءُ الأوَّلُ ...........

..................................... الجُزءُ الثَّاني يَتبَعُ ...

كُتِبَت في / ٢٧ / ٧ / ٢٠٢٢ /

... الشَّاعرُ الأديبُ ...

....... محمد عبد القادر زعرورة ...




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

♕ عذرا أبي ♕ بقلم الشاعر : صلاح الناصر

 عذرا أبي  أعتذر منك أبي عن كل كلمة مني أشعلت يوما غضبك عن كل ظن كنت أحمله لك  عن كل وصف كنت أظنه فيك عذرا أبي إن خاننتي فيك كل هذه الظنون  ...