........................... قَتَلَهَا جَهْلُهَا ..............................
... الشَّاعر الأديب ... ... قِصَّةٌ قَصِيْرَةٌ ...
...... محمد عبد القادر زعرورة ... .. الجُزْءُ الثَّانِي ..
بَدأَت الكِنَّةُ ( سعدة ) تُطالبُ زوجَها ( موسى ) بِطَردِ والدتِهِ
من البيتِ ، وأنَّها لا تُطيقُ رُؤيتها فيهِ ، فما كان من الإبنِ
موسىَ إلَّا أنْ قالَ لوالدتَهِ بصوتٍ مهزوزٍ إذهبي يا أمِّي عندَ
إخوتي فهم خمسةٌ ، ولا نريدُ مشاكلَ ، فَزَوجتي لا تريدكِ هنا
في بيتِها .
بَدأت الأمُّ بالبُكاءِ والعَويلِ بألمٍ شديدٍ قائلةً : أنتَ تقولُ هذا
يا مَن فضَّلتُكَ عليهم جميعاً وحرمتُهم من ميراثِ أبيهم
لأجلِكَ . بدأتْ تُمَزِّقُ ثيابَها وشعرها غضَباً ممَّا سمعتهُ من
ابنِها المُدلَّلِ . علِمَ الأبناءُ بما يجري مع والدتِهم عندَ أخيهم
موسى ، فتشاوروا فيما بينهم ، وقرَّروا أن تمكثَ امُّهم لدىَ
كلِّ واحدٍ منهمْ لمُدَّةِ أسبوعٍ وبشكلٍ دورِيٍّ .
عَرَضوا الفكرةَ على أخيهم الكبيرِ ( موسىَ ) فوافقَتْ زوجتُهُ
بالحالِ .
وبهذا تكون قد حَقَّقَتْ المَرحَلةَ الأولىَ من خِطَّتِها للتَّخَلُّصِ
من حَماتِها ، على أن يبدأوا بالإبنِ الأصغرِ ثمَّ الذي يليهِ وهم
ستةُ شبابٍ ، وجَهَّزَ كلُّ واحدٍ من الأبناءِ الخمسةِ سريراً
لوالدتهِ في غُرفِ بناتهم .
واستضافوها عندهم ورَحَّبوا بها جميعاً وعاملوها معاملةً
جيِّدة ولائِقَةً .
وهكَذا فقَدت الأمُّ هيبتَها واستقرارَها ، وأصبحت تنتقلُ من
بيتٍ لبيتٍ كلَّ أسبوعٍ كالضَّيفةِ وأصيبت بخيبَةِ أملٍ بابنِها
الأكبرِ .
وهي الَّتي كانت تُدَلِّلُهُ وتَمَيِّزُهُ عن إِخوتِهِ وحرَمتهم لِأجلِه
من حقِّهم في بيتِ أبيهم العربيِّ الكبيرِ الفسيح الواسعِ
والجميلِ .
كانت عندما يأتي دور ابنها الأكبر للذهاب لبيتِهِ تَستَعيذُ
منَ الشيطانِ الرَّجيمِ .
كانت زَوجةُ الابنِ الأكبرِ ( سعدة ) لا تُصادقُ إلَّا مَن هُنَّ على
شاكِلَتِها مِنَ الخُبثِ والُّلؤمِ وقِلَّةِ الحَياءِ ، وأصبحَ لديها
خَمسُ نساءٍ حَميماتِ مِنَ الصَّديقاتِ على شاكِلَتِها ويَزيدُ ،
مِمَّن لا يُطِقنَ أَهلِ أزواجِهِنَّ خُصوصَاً حَمَواتِهِنَّ ، ولا يَرغَبنَ
بِهِنَّ حتَّىَ ضُيوفَاً .
مَرَّت الأيَّامُ على الأمِّ ( زُلَيخَةِ ) تأكُلُ يَدَيها نَدَماً على ما فعلتهُ في حياتِها بين أولادِها مِنْ تَمزيقِ الُّلحمَةِ بينهم وبينَ
شقيقِهم الأكبرُ (موسى) الهَزيلُ أمامَ زوجَتِه الخَبيثَةِ الَّلئيمةِ
إلى حَدٍّ بَعيدٍ .
ذاتَ يومٍ حينَما كانت الأمُّ في بيتِ ابنِها الكَبيرِ دَعَتْ كَنَّتُها
( سعدة ) رفيقاتِها لِيَشرَبنَ القَهوَةَ عندَها وَقتَ الضُّحَىَ
وجَلَسنَ في صَحْنِ الدَّارِ والعَجُوزُ جالِسَةً في إحدَىَ زَواياهُ .
بَدَأتْ النِّسوَةُ الحَديثَ عن حَمَواتِهِنَّ سَاخِراتٍ مُستَهزِئاتٍ
بِهِنَّ ، وَكُلُّ واحدَةٍ تَنعتُ حَماتَها نُعوتاً لا تُطاقُ ولا يُطَاقُ
سَماعَها أبدَاً .
تَدَخَّلَت العَجوزُ قائِلَةَ : عَيبٌ عليكُنَّ ألا تَستَحَيْنَ من هذا الحَديثِ ؟؟؟ !!! فَحَمَواتُكُنَّ كأُمَّهاتِكُنَّ ، اخجَلنَ قليلاً .
رَدَّت عليها كَنَّتُها بجَلافَةٍ قائِلةً : أُصمُتي أنتِ وابقي في مكانكِ جالِسَةً كَالقِردَةِ ولا أريدُ أن أسمَعَ صَوتَكِ إطلاقَاً ،
وإن لم يعجِبكِ الحَديثُ انصَرِفي مِن هُنا فهذا بيتي وأنا
حُرَّةٌ فيهِ ، نَتَحَدَّثُ ما نَشاءُ .
رَدَّت عليها حَماتُها قائِلَةً : أنتِ طولَ عُمركِ قليلةُ أدبٍ .
انتَفَضَتْ الكَنَّةُ واقِفَةً تُمطِرُها بالشَّتائِمِ والإهاناتِ قائلةَ : اخرُجي مِن داري يا عَجوزُ النَّحسِ .
وقفَت العَجوزُ تِهِمُّ بالخُروجِ وهي تُتَمْتِمُ .
اقتَرَبتْ الكَنَّةُ منها دافِعَةً إيَّاها بعُنفٍ وهي تقولُ هيَّا اخرُجي
من داري ولا أريدُ أن أراكِ ثانيةً في بيتي .
سَقَطَتْ العَجوزُ أرضَاً ، وسَقَطَ رأسُها على حافَّةِ حَوضِ الوردِ
في صَحنِ الدَّارِ ، فانفجَرَ جَبينُها ، وماتَت على الفَورِ .
تفاجَأَتِ النَّسوةُ ممَّا حَدَثَ وَصَمتْنَ ، كلُّ واحدةٍ منهُنَّ عَضَّتْ
علىَ شَفَتَيها استغرابَاً وخوفَاً من نتائِجِ ما حَدَثَ .
لكنَّ الكَنَّةَ أَمَرَتْهُنَّ بالصَّمْتِ ، وأفهَمتهُنَّ أنَّهُ يجبَ أن نتفِقَ
على قولٍ واحدٍ وشهادَةِ واحِدةٍ على أنَّها داخَت ووقعتْ
ارضاً لوحدِها عندما كانت تنوي الخُروجَ لزيارَةِ إحدى جاراتِها القُدامىَ ، وأنَّهُنَّ كُلُّهُنَّ مَسَبِّباتٌ لما حَدثَ بِسَببِ حديثِهِنَّ الَّذي
أثارَ العجوزَ . واتَّفَقْنَ على ذلكَ .
بَدَأَت النَّسوةُ بالصُّراخِ والعَويلِ ، وقعَت العجوزُ وقعَت العجوزُ أطلبوا الإسعافِ أطلُبوا الإسعافِ .
طَلَبت الكَنَّةُ ( سعدة) الإسعافَ وحَضَروا على الفَورِ فَوَجودوها قَد فارَقت الحياةَ .. ماتَت ..
وعندَ التَّحقيقِ شَهِدَت النِّساءُ السِّتَّةُ أنَّها داخَت وسَقَطَت
أرضَاً لِوَحدِها وكانت تَنوي زيارَةَ إحدَىَ جاراتِها القُدَامىَ
وَجاءَ في التَّقريرِ الطِّبِّيِّ أَنَّهُ لا يًوجَدُ آثارُ عُنفٍ على جَسَدِها
ولا آثارُ اشتِباكٍ في الأيدي .
إضافَةً إلى شَهاداتِ الشُّهودِ .
وقُيِّدَت الحادِثَةُ قَضَاءً وَقَدَرَاً .
... وهكذا تَخَلَّصَتْ الكَنَّةُ مِن حماتِها ، وكَتَمَت النِّسوةُ الأمرَ
لاعتِبارِ أنفُسِهِنَّ مُسَبِّباتٍ لما حَدَثَ بِسَبَبِ حَديثِهِنَّ
الَّذي استَثَارَ العَجوزَ وأَدَّىَ إلىَ ما أدَّىَ إليهِ ...
وَدَفَعَتْ العَجوزُ ثَمَنَ دلالِها وتَمييزِها للإبنِ الأكبَرِ على بقيَّةِ
إخوَتِهِ .
والَّذي أصبَحَ ... لا حَولٌ لهُ ولا قُوَّةٌ ولا كَيانٌ ولا اعتِبارٌ
ولا هَيْبَةٌ .
دَفَعَتْ رَاحَتَها وَاحْتِرامَها وَكَرامَتَها
وَحَتَّىَ حَياتَها ....
................... انتهى الجزء الثاني ....
............................................ تَمَّت القِصَّةُ .....
كُتِبَتْ في / ٢٦ / ٨ / ٢٠٢٢ /
... الشَّاعر الأديب ...
....... محمد عبد القادر زعرورة ....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق