ثرثرة مع النجوم :
تتلألأ في كبد السماء،تنزع وشاحها،تلقي التحيّة ،تردّ
الجميل، ولا تهرب مثل الآخرين،الذين احتاجوا فأخذوا واختفوا داخل قوقعة النسيان،ولا يخرجون إلاّ لمدّ الأيدي أمّا هي فتتغلّب على العتمة ،تخرج وجهها للوجود عبر هالة دائرية ،تشبه وجه حسناء تستعدّ للزفاف،تتوهّج وتخفت قليلا ،وكأنّها تسرع وتبطىء
الحركة ،وتعود راقصة متوهّجة تنادي أهل الأرض .
رأى النجوم وأنبهر بنورها، تتلألأ ،تغريه لضمّه وعناقه،هي الوحيدة التي يتماهى مع روحها وجمالها، تؤانسه، تُذهب وحشته ،وتُرجع إشراقة وجهه ،
فينا من يتّخذها كألعاب ناريّة، ومنّا من يتخذها
فأل حظ وبرج المستقبل،وهناك من يتخذها بوصلة ودليلا خوف الضياع،ومنّا من يسكنها بروحه
ومن تعينه على نسج حكايته يستوحيها منها
لكلّ منّا نجمه،وحبّه ورغبته ،يتماهى معه ويدخل في قلبه، يتحوّل إلى نور مثله، في كلّ ليلة يصعد للسماء
يسهر الليل كلّه مع نجمه،ولا يعود للأرض إلاّ مع اقتراب خيوط الفجر ،يوقظه صياح الديك ،فينزل السلم ويضع رجله على التراب،ويرجع لأصله،ويحسّ
بثقله وبالجاذبية العنيدة التي لا تفارقه .
هذا دأبه كلّ ليلة،أمّا هذه الليلة،فلا ! غضبت السماء،
غيوم كثيفة متراصّة منذ الظهيرة ،وزادت عتمتها فألغت خيوط النور،غير ممكن نجمه اختفى لايمكن معاينته، ويخاف الضياع في الفضاء المخيف دون حدود ،ودون حواجز، لا يمكن القياس،مسافات بالساعات الضوئية،شيء رهيب .
لكن ماذا لو جاء نجمه للأرض! ،لا أظن ذلك ! مستحيل؛ ليس من العادة،النجم لا يتواضع وينزل من برجه، إلاّ إذا كان مغرما ومحبا ،ويخاطر بحياته لأنه داس على القانون الفيزيائي ،وربّما يعاقب على فعلته
وسيحترق في الغلاف الجوّي ! وهو لا يحبّ له ذلك ابدا ،لأنه يعيش به ومنه،سيقتلع نبضه ويتوقّف .
عليه بالصبر حتى زوال الغيوم ،ويقضي ليلته مع الشمعة،ويهتمّ برسم نجمه تحت نور الشمعة ،في انتظار ليلة مقمرة،يخرج المحبون للاحتفال ببزوغ القمر ومناجاة النجوم ،فالصبر هو الحلّ،ولا أرى غيره .
رموش العيون ثقيلة،والطلب مستحيلا،سيرجع إلى عادة التنهيدة،ويخرج نجمه من صدره وفكره،إن استطاع، وربّما العام الجديد ،يحمل مفاجآت ،تحمله
لزيارة نجمه ويستمتع برحلة استجمام،يتخلّص من الأكياس السوداء للخيبة، وتعود ابتسامته المهاجرة
منذ الشباب ،وتعزف له الحياة لحنه المفضّل ،مع باقة ورد كبيرة ،ووشاح حرير على كتفه رمزا للوفاء والحبّ
وعربون محبة من جميع النجوم .
الكاتب الجزائري : عبد العزيز عميمر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق