الثلاثاء، 3 أكتوبر 2023

♕ قصة .. الصغير و الخالة ♕ بقلم الكاتب : عبد الحكيم توفيق

 الصغير و الخالة :

---------------------

كان الطفل الصغير يتردد عل دار خالته الأرملة التي لا تبعد عن دار اسرته الا بضع امتار و يكرر زيارتها عدة مرات في اليوم وخاصة في المساء بعد عودته من مدرسته الابتدائية وكان يدخل بلا استئذان و ربما لم يلق التحية عليها ، كانت خالته أمرأة معتدة بنفسها و تدير شؤونها معتمدة على نفسها و كان لديها بقرة و بعض النعاج الموسومة و ربما بعض الخرفان الصغار الوليدة  التي يحضون و امهاتهم باسماء كاسماء البشر او بنعوت شتى منها ما يتعلق بالوان الحيوانات او طباعها وكانت كثيرا ما تتكلم معها و احيانا تعاقبها بعصا من شجرة الرمان ،  يحضر احد جيرانها ليأخذ النعاج الغداة الى  المرعى  و كان تستقبلها في الرواح ببهجة و سرور .. وتحضر القدر لحلبها و ربما عاونتها اخت الراعي الصغرى بذلك .

كما ان لديها دجاجات و ديك لا يُنافس حيث يكون مصير المنافسين القدر او البيع ...و بذا تحصل على لبن و بيض يفيض عن حاجتها و كان مخزن القش بيتا للدجاج ايضا .

كان ابن اختها الصغير و قبل سن المدرسة تنتابه نوبات بكاء عند الاصيل لا يعرف اهله لها سبب وكان يسكن ويهدأ عندما تحمله الخالة و تريه نعاجها و دجاجاتها وتتكلم معها .

كان بيتها مقصد لبنات الجيران ليلا حيث تقص عليهن القصص و الحكايات و كأنها تقرأ من كتاب و كان الصغير يسمع الحكايا المرعبة عن الغيلان و السعالي وعن قصص شبيه بقصة سندريلا ..و الجلبي.. و الثعبان ذو الرؤوس السبعة وكان تأثيرها ما يوازي افلام الرعب و زيادة  وحين يمضي بعض الليل يغادرون عند العاشرة مساءا حيث غالبا ما تنتهي السهرة قبلها و خاصة ان تثاءب احد و تقطع حكايتها لتكملها في ليل الغد .. اما الصغير عندما يغادر الى بيت اسرته والذي لا يبعد بابه عن باب بيت خالته الا ثلاثة امتار ولكنه يظن انها مسافة طويلة ويتصور الجن و الغيلان والسعالي تترصد له فكان يقطع المسافة جريا اذا كان وحيدا ..وكان احد اخوته يأتي لبيت الخالة ليبيت عندها و يؤنسها لكنها احيانا توصد الباب اذا ما تأخر فيرجع  .

و من مآثر شجاعتها التي يرويها اهل القرية انها في احد الليالي سمعت دويا و ثغاء النعاج المرتبكة فما كان منها الا ان  نهضت و حملت عصا غليظة مركونة خلف باب الحجرة و رأت ذئبا وهو يحمل احد الخرفان من رقبته  و يحاول القفز فوق السياج فما كان منها الا ان ضربته بضربة عنيفة بكل ما اوتيت من قوة على رأسه فاختل و ترك الفريسة التي ما زالت حية وهرب قافزا السياج ، و من مآثرها ان قتلت ثعبانا بنفس العصا اجفل البقرة التي اضطربت و خارت مستنجدة .

و كان يزورها بعض نساء القرية او بنت الجيران التي كانت بمثابة وكالة انباء و ينقلن اليها اخبار القرية و ما جاورها واحيانا يأتينها بصفائح الماء من النهر او الجدول القريب ليملأن الحِب الفخاري وبعض القدور ، وكان رجل مسن في بعض الاماسي  يزورها عصرا و ينطلق و اياها في حديث لا ينقطع عن الزرع و الضرع و حكايات قديمة و امامها منقل فيه جمر يتوهج و ابريق شاي يشرب منه الضيف عدة اكواب وكان الصغير يجلس قربهما و يضيق ذرعا بهذا العجوز .

كان الصغير كثير السؤال عن حاجياتها المعلقة او فوق الرف و منها قنديل ( لالة ) بمرآة  فيسأل كيف حصلت عليه فتقول جلبه المرحوم ، وحين يسألها عن ماعون منقوش فيه صورة فتقول هذا الملك فيصل الثاني من سلالة الرسول قتله المجرمون و قد جلبه المرحوم من بغداد ولم تدعني المسه بل مسحته و وضعته في مكانه ، وكذلك اجابت حين سألها عن البريمز ( طباخ نفطي ) 

ولكنه لم يسألها من هو المرحوم ، خبأ هذا السؤال لامه ما معنى المرحوم الذي تذكره خالته كثيرا فاخبرته بان اختها ارملة كان لها زوج توفي قبل سنين طويلة رفضت بعده الزواج و انها بقيت وفية له .. هذا بعض مما يتذكره منذ كان صغيرا عن خالته الارملة و المتوفاة رحمها الله قبل عشرات السنين و عرف لاول مرة معنى كلمة المرحوم الذي نطقت به خالته و لم تذكر اسمه .

بقلم .. عبد الحكيم توفيق




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

♕ مقالة بعنوان .. هُوَ ٱلْإِنْسَانُ ٱلْكَامِلُ ٱلْأَسْمَىٰ * الكَامِلُ ٱلْحَادِي وَٱلْعِشْرُونَ ♕ بقلم الكاتب : أبو أكبر فتحي الخريشا

 * الكَامِلُ ٱلْحَادِي وَٱلْعِشْرُونَ  *                   هُوَ ٱلْإِنْسَانُ ٱلْكَامِلُ ٱلْأَسْمَىٰ  أولياءٌ ومَا يَعُونَ الآخرِينَ وأكثرهُم...