«(1)» التحكم الخفي بالإنسان ، و دور
الإعلام في السيطرة على العقول«(1)»
رؤيتي : د/علوي القاضي.
... الإستعمار بكل أشكاله والمستبدون في كل الأزمنة والأمكنة ، يتبعون منهجا ثابتا ومتشابها مع الشعوب رغم إختلاف الأساليب ، لضمان السيطرة على الشعوب ومقدراتها
... لذلك لاحظنا أن الدول الإستعمارية تفرض لغتها على الشعوب المحتلة ، لتسهيل نقل ثقافتها والسيطرة الفكرية على تلك الشعوب وتعديل هويتها ، لذلك فإن لغة المستعمر تعتبر (لغة السيطرة) لما للغة من تأثير على الفكر والثقافة والعادات والتقاليد والسلطة
... لذلك فإن الشعوب المحتلة تعيش تحت وطأة قوة (اللغة) ، لأنها سلاح في يد المستعمر ، حيث تصبح هذه الألفاظ مفتاحًا لفهم السلطة الإستعمارية والتفاعل الإجتماعي
... في سياق التاريخ الحديث ، نجد دولا تأثرت بسيطرة الغرب وإستخدمت اللغة كسلاح للتفوق الفكري والسياسي ، على سبيل المثال ، فرضت فرنسا لغتها على الدول التي إحتلتها وأسمتها الدول (الفرانكوفونية) محاولةً منها للسيطرة على العقول والمؤسسات فيها ، هذه السيطرة اللغوية أدت إلى التمييز بين من يتحدث الفرنسية من هذه الشعوب ومن يتحدث لغة الهوية ، ونظر إلى الناطق بالفرنسية أنه رمز للثقافة والتقدم بينما تم تشويه لغات الهوية ومن يتحدث بها ، هذه الظاهرة تترك أثرها على الوعي الجماعي ، حيث يُلقب من يتحدث لغته الأصلية بالجاهل أوالإرهابي
... هذا التمييز يظهر في وسائل الإعلام والأدب والأفلام ، وينعكس في المناهج التعليمية ، ويصبح آلية لترسيخ سياسات سيطرة اللغة على الشعوب
... في هذا السياق ، يتساءل الفرد عن مدى تأثير اللغة على فهم الواقع وإستيعاب الرسائل ، هل يجسد الناطق بلغة معينة الثقافة والتفكير ؟! ، أم هي مجرد وسيلة للتواصل ؟! ، في هذا السياق تصبح اللغة ، ليست مجرد أداة تواصل ، بل تحولت إلى ساحة صراع فكري وسياسي
... والحاجة إلى فهم هذه الدينامكيات اللغوية والتأمل في تأثيرها على المجتمعات يتطلب تحليلًا فلسفيًا ، فما هو دور اللغة في بناء الهوية وتحديد مسار الأمم ؟! ، وكيف يمكن للفرد تجاوز هذه القيود اللغوية وتحقيق تفاعل حقيقي بين مجتمعات متنوعة ؟! ، تلك هي التساؤلات التي يجب أن نفكر فيها لفهم الوضعية الراهنة والسعي نحو تحقيق تواصل أكثر تنوعا وتكاملا بعيدا عن الإستعمار والمستعمرين
... لذلك إهتم المستعمر والمستبد بالإعلام المرئي والمسموع والمقروء لما له من دور كبير في ترويض العقول ، حيث أن لغة الحديث من أدواته ، فهو أحد النظريات التي تستعملها بعض الأنظمة في غسل أدمغة الشعوب ، ومن بين هذه الأنظمة (الإعلام) الذي يمثل 99% من أخبارهم وتصريحاتهم وكتاباتهم التي تمثل الكذب والتضليل وغسل الأدمغة
... وحتى في عالم الرياضة بعض مجموعات الألتراس تملك القدرات للسيطرة على أعضاءها (فكريا) بتلقينهم بعض المبادئ والمفاهيم الخاطئة ، هذا الشي الذي ساهم في السيطرة الغير المباشرة على عقل العضو ولم تعطيه الفرصة ليعبر عن رأيه أويناقش فكره
... مع مرور الوقت هذا النوع من المجموعات لايستطيعون أن يكملوا ، حيث إنعدام الدماء الجديدة و ركودها فرأسها عامر بالمبادئ الخاطئة ، وهذا يجعل أي جسم لايتحرك فيه الدم يحتضر ويموت ، فأغلب الأعضاء لايناقشون إلّا أمور تافهة وبقية الأعضاء مشغولين بأمور ثانوية أو بالفن أو الميديا ، وقليل من هذا النوع من المجموعات الذي فطن وإستيقظ ورجع للأصل الذي هو صناعة جيل قادر أن يقاوم فكريا ، أويحارب الإعلام الفاسد الذي يريد أن يخلق منه حجر يحركه كيفما يريد ، هذا الإعلام الذي يريد أن يرسم لنا لوحة الحياة المثالية تعجب الناس ثم يدخلوا قاعة الوهم ، ويبقى هو المتحكم في المفتاح ، رغم أنك إبن الشعب ولكن ليس لك الحق أن تدير المفتاح
... وإلى لقاء في الجزء الثاني إن قدر لنا ذلك وقدرت لنا الحياة
... تحياتي ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق