مَولِدُ قَصِيدَتِي
عَاصَرتُ كُلَّ الأَزمِنَةِ بِمَحَبَّةٍ وَمَوَدَّةٍ
ما قَبلَ البَشَرِيَّةِ فَوقَ غَمرِ الأَرضِ
على جَبَلٍ كَانَ مُلتَقَى العِشقِ..
ما عِشتُ زَمَنَ آدَمَ وحَوَّاءَ وسَائِرِ البَشَرِ..
ما شَاهَدتُ جَريمَةَ قابِيلَ
ولا نُبُوءَةَ شِيتٍ وإدرِيس
الذي حَاكَ لي فُستَانًا منَ الوَردِ..
لكِنِّي شَهِدتُ الطُّوفَانَ العَظِيمَ
وَنَجَوتُ بِالفُلكِ المَشحُونِ بالمخلوقات..
عاصَرتُ جَبَرُوتَ النَّمرُودِ
ونَارَهُ التي لمْ تَحرِقْ أبانا إِبرَاهيمَ
بَل أَطفَأَها الخَلِيلُ وَجَعَلَهَا بَردًا وَسَلامًا..
ما رَأَيتُ قَطْ كَجَمَالِ سَارة
ولا حَنَانِ هَاجَرَ الصَّبُورَةِ
وَبُكَاءَ يَعقُوبَ عَلى يُوسُفَ
وَشَغَفَ زُلَيخَةَ بِالصِّدِّيقِ
عَزِيزِ مِصرَ ومُخَلِّصِهَا مِنَ القَحطِ..
أَبطَلْتُ أَسحَارَ فِرعَونَ وَرِجَالاتِهِ دُونَ عَصَا
وَغَلَبتُ سَحَرَتَهُ مَع الكَلِيمِ وَأَخِيهِ هَارُون..
مَا رَأَيتُ عَصَا مُوسَى ولم أشُقِّ البَحرَ بها
أَغرَقتُ أَلفَ مُتَهَكِّمٍ بِنُضجِي وَجَبَرُوتِي..
جِئتُ قَبلَ عَاد وَثَمُود وَالرِّيحِ الصَّرصَرَةِ
وَالعَهَدِ المَوعُودِ وَنَاقَةِ صَالِحٍ وَأَهلِ الأُخدُودِ..
دَعَوتُ لِشِفَاءِ أَيُّوبَ وَانبِثَاقِ المَاءِ مِن الصَّخرِ..
وَنَجَاةِ يونان، يونس، مِن الظُلُمَاتِ
ظَلَمتُ اللَّيلَ وَالبَحرَ وَبَطنَ الحُوتِ..
لَستُ مِن أَهلِ السَّبتِ وَمَا عَصِيتُ رَبِّي..
شَهِدتُ حِكمَةَ زَكَرِيَّا ودَهشَةَ أليصَاباتِ
زُرتُ عَينَ كَارِمٍ مَع العَذراءِ مَريَم..
وَبَكَيتُ عَلى مَقتَلِ المَعمَدَانِ أَعظَمَ مَوالِيدِ النِّسَاءِ..
عَانَقتُ البَتُولَ بَعدَ صَلبِ ابنِهَا الذي أَحيَانا
قَامَ مِن المَوتِ وَأَحَبَّنا، وأَوصَانَا بِالمَحَبَّةِ
آمَنتُ بِالخَالِقِ الذي رَفَعَ السَّمَاواتِ
وقَسَمَ الأَرزَاقَ وَلَم يَنسَى عِبادِهِ..
اقتَحَمتُ زَمَنَ الشُّعراءِ ونَاقَشتُ المُتَنَبِّي
ومُسَاجَلاتِ جَرِيرَ وَالفَرَزدَقِ وعَشِقَ ابنِ الأَحنَفِ
تَغَنَّيتُ بِشَوقِي وَجُبرانَ وَالجَوَاهِرِيّ
وَعَشتَارَ والخَنسَاءَ وَرَابِعَة وَمَيّ زيَادَة
حَفِظتُ نِزَار ودَروِيش والقَاسِم والشَّابِي
بَحَثتُ عَن أَولِ الشِّعر فَوَجَدتُهُ فِي قَلبِي..
وَكَتَبتُ وَحيًا كمَا أَلهَمَتنِي رَبَّةُ الشِّعرِ
جِئتُ مِن زَمَنِ الصَّمتِ إلى قَلبِ الصَّخَبِ
وأفرَخَ جَنِينِي رُغمَ الزَّمَنِ وَفَاءً لِوَعدِي..
أَثمَرتُ قَبلَ مولدي وَبَعدَ مَمَاتِي..
بقلمي .. الشاعرة إيناس رشرش
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق