إشراقة شمس
= 18 =
لم يكن أخي" بدر " يمثل حالة وعي ديني كما هو حال أخي رضوان، ذلك أن "بدر" اصطحبه صهري زوج أختي معه إلى ألمانيا و هو ابن ثلاثة عشر عاما، و لما كان في الثانية و العشرين من عمره تم ترحيله من ألمانيا لأسباب تتعلق بالإقامة، و اضطر زوج أختي أن يقطع تذكرة لنفسه في ذات الطائرة التي تم ترحيل أخي فيها و ذلك بغية تسوية أمور أخي حالة وصوله إلى سورية
لم يكد "بدر" يضع رجله على أرض مطار حلب حتى تم إلقاء القبض عليه بدعوى التخلف عن العسكرية الإلزامية و تم سوقه للتجنيد مباشرة دونما تأخير و تم فرزه و ترحيله مجندا إلى منطقة الكسوة في ريف دمشق
و تضرب أمي أخماسا بأسداس فلا ليلها ليل ولا نهارها نهار و قلبها معلق بولدها بدر الذي عاد إلى سورية بعد تسع سنوات غير أن عينيها لم تكتحلا برؤيته
الخدمة الإلزامية في سورية وقتذاك /1978/ و حتى مرحلة ما قبل انتصار الثورة، تثير في النفس الامتعاض بل الشؤم و السخط و ذلك بسبب التفرقة المقيتة في التعامل مع كل عنصر من عناصر الجيش ضباطا و أفرادا كل امرئ منهم بحسب مدينته التي جاء منها !! فأبناء مدن حلب و حماه مثلا هم الأسوأ حظا في وحدات الجيش السوري، بل كان يمارس بحقهم جميع أصناف القهر و الذل و الإهانة!![لعل ذلك هو السبب الرئيس الذي جعل أهل حلب و حماه آنذاك يحملون بشدة على الطغمة الحاكمة الحاقدة]
[ في جيوش العالم قاطبة تجد مراعاة تسلسل الرتب العسكرية إلا في سورية الأسد فالأمر مختلف تماما حيث يمكن للرتبة الأدنى كسر ذراع الرتبة الأعلى و ذلك وفق انتماء طائفي !! ]
هادئ هو في طبعه أخي بدر، ليست لديه ميول سياسية، كما و أنه غير مندفع في سلوكه و تطلعاته، و تلك ميزة لها محاسنها و مساوئها لدى الأشخاص في حياتهم العملية، لذا كانت خدمته الإلزامية تسير برتابة - و على الأخص أنه لم يكن يأبه لمجريات الأحداث ولا يعيرها اهتماما
و حين اعتقل في مظاهرة جامع الروضة كان أخي بدر قد تعلم في السجن بضع أبيات من الشعر، لست أدري من الذي صاغها لهم هناك، لكنها كانت على حقيقتها تصرف نظر الناس عن حقيقة نمط الصراع بين الطغمة الحاكمة و الشعب، ذلك أن الطغمة الحاكمة لا تريد أن تقول أنها حرب طائفية سببها غطرسة طائفة النظام بل هو حسب تعبيرها صراع بين شباب متشدد و حزب حاكم!! فتأملوا معي بيتا من تلك الأبيات التي كان أخي بدر يترنم بها :
" إنما البعثي فاسق و جهول و منافق
فاضربوه بالبنادق و انصروا دين محمد"
و يتبع إن شاء الله تعالى
- وكتب: يحيى محمد سمونة - حلب.سوريا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق