♨️ شُواظٌ و أصفاد تحت الرّماد ! ♨️
.. في إحدى تَمفصُلات الزّمن المُجْحِف ،
و حين كانت بِطَورها الجَنِيني تتبرعم
في أرحام الغُيوب فسائلٌ ما، كان الإحياء
في الثّاني و العشرين من أغسطس الشّادِي
يومها ، بالكاف و النون ابتدأت السّرديّة بأعبائها تَنُوء ، و الدّهرُ لا يَبُوءُ إلا بالعِنادِ
و في زمن الطّرابيش و الحمير و الحناطير
و مصابيح النّفط و قناديل " الكَارْبِيلْ "
كان النُّشوء على مِحْناتِ مُزمنة و بالمرصادِ
مَتاربُ و مَساغب ... مُعوِّقاتٌ و مصاعب
قلنا هيّن ذاك الأمر ، فالحياة كلّها متاعب
و الهمُّ في أرض العروبة لا يُبالي بالحيادِ
حتما لستُ أَعِيها ، تلك رواية باهتة و غبيّة
أَوْرَثَتْنِيها كَواغِذ صّفراء شاحبة كَلَوْن البلادِ
لذا سأعيد الآن للتّاريخ تصحيف الشّهادة
و أنسخ في السِّجلِّ المدني تاريخ الولادة
فرُبَّ موعد زائف تغنّى به المرء بلا رشادِ
سَجِّلْ أيُّها الزّمنُ الأبله ، ميلاديَ الحقيقي
مَخاضُ إحداثاتٍ في الثّلاثين من حُزيران
بِصَيْفٍ غِيثَ فيه القلبُ على غير اِعتيادِي
فهلْ في الورى مُدرِكٌ مثلي يوم الميلادِ ؟
مُعضلتي: كيف أُقْنعُ أهل الغَيّ و الغواية ؟
بأنّ عالمي من لحظة الانفجار تلك يبدأ
و مِن دفقة الكُمون الواعية بي و بالمُرادِ
و أنّ بزوغَ ذاك " الكَارِيزْمِيّ" على ظَلامي
حَرَّرَ روحي و أعتق نفسي ، و أطلق عَناني
فأعاد التّشكيل و الصّياغة ، و من جديدٍ صَهَرني و أعاد تركيبي و سوّى كُلّ أبعادِي
كيف أُشيعُ بين أَناسِيِّي بلاغةَ الحِجاج ؟
كيف أُبلّغ حُجّتي بأنّه هو جَذوتي الباقية
للنّبضة الخالدة و لِارتجافات عِشْقِيَ البادِي
كيف أخبرهم أنّه هنا بين الوَتين والتّراقي؟
و أنّ طيفه قد نَبَتَ في رَفيف أهدابي ؟
و أنّه مَدَدي للذّاكرة، و في السّيرة امتدادِي
هُم لايُدركون أنّه حضارتي الأولى والعريقة تاريخُها ثمان وأربعون احتفائيّة غيرُ مُعلَنةٍ
وما قبلها زمن صِفْريٌّ لا من عُدّتي و عَتادي
وأنّه بَعْد يُتمٍ وَجيع أخصبُ أمْنٍ صادفني
و اقْتحمَ وُجودي و احتواني و شدّ أوتادِي
و يَشهدُ الله أنّه مِن أعاتي مناخات العاطفة اجتاحت عمْري و جميع تضاريس وجداني
و ستبقى جامحة ما اقترن نهاري بسوادِي
و أنّه أجمل طَرْزٍ خَليقٍ وشَّتْ به الأقدار
لياليَّ و أيّامي ، و غُضونَ حياتي و مَعادِي
والنّيّرانُ يشهدان والجَديدان أنّه قد حَبَاني
و خيرُ من جَذَلَ له طبعي و احتفى فؤادِي
و أُشهِد كُلَّ حَصَانٍ فيحاء و غادة عصماء
كيف صارت مَطالعُ وجهه صِنْوًا للوديعة ،
و في قلبيَ الجوهرَ السّامي وملاذِيَ الهادِي
و بمنآى عن الغرور ، أُشْهِد النُّورَ و الديجور
ما خَسَفَه أوانُ غَيْبَة ، أو نَسْيٍ لَدَيَّ و غَفْلة
فهو فِيّ ومَعِي والعُمْرُ على ما يُقضى للعبادِ
وهو مع النّبض والنَّفَسِ مُذْ وقع به شُعاعي
فتصافحت فينا العُيون قبل هاتيك الأيادِي
و أَستشهِدُ ريحَ الصَّبا ، و الغيثَ و الرَّواء
أنّي بعد صَفِيِّنا المُرسل و بالصَّحِيف المُنْزَل
ما اصْطفيت أحدا قبله مُطلقا لإلْفٍ وَ وِدادِ
حتى صار كالماء و الهواء، و الطّلّ و النَّدَى
و منتهى الأفْق و المدى و الأثير و الصّدى
و المَيسَمَ الّذي اكتمل ما اتّصلت آمادٌ بآبادِ
وأقسمتُ بصبري حتّى رأيت تجاعيدَ دهري
أنّني قد شَهِدتُ يوم اِلتقينا مِيلاديَ الثّاني
و ما يفتأُ مُذْ تلك الأحايين حُبّي شُواظًا
و رَهْنَ أصفادي ، حبيسا مُعَنَّى تحت الرّمادِ
و ما النَّظم و الشّعرُ هذا بالهَذَيان سُقنا إليه
لكنّها آخر الأنفاس إليه ساعية حتّى النّفادِ
فلا طابَ قَطُّ للعواذل و العُذّال عَيْشٌ
و لا لذوي القِلَى و الأعادي و كلّ حُسّادي
فأعوذ بالله فَهُم في وادٍ و أنا في وادِي
بقلم الأستاذ
الشّاذلي دمّق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق