₺ قصيدة من البدايات..
*((مَرثِيَّةٌ لِلدَمِ البَاكِي))*
أحاسيس: مصطفى الحاج حسين.
*- 1 -*
لِلَّتِي لا تَأتِي إِلاَّ مَعَ الكَلِمَاتِ
لِلَّتِي شَاخَ الصَّمتُ عَلى شَفَتِيهَا
لِلَّتِي تَنحَرُ الآمَالَ بِسَيفِ التَّجَاهُلِ
والَّتِي تَرُدُّ اِبتِهالَ الشَّوقِ
صَدَىً كَلِيمَ النَّبَرَاتِ
أُوَقِّعُ اِنتِحَارِي .
*- 2 -*
دَعِي عَينِيكِ تَنهِشُ قَلبِي
وَاترُكِي صَوتَكِ مُطبِقًا على خُنَّاقِي
سَأَكتُبُ بِالقُربِ مِنِّي
بِدَمِي الظَّامِئِ لِلعِنَاقِ
أنا المَسؤُولُ عَنِ اِنتِحَارِي .
*- 3 -*
أَطِيحِي بِالحُلُمِ إِن تَسَلَّقَ قَدَمِيكِ
وَاصفَعِي عَينَيَّ الضَّارِعَتَينِ
لَن أُسَمِّيكِ قَاتِلَةً ..
فَهَذَا اِنتِحَارِي .
*- 4 -*
طَرِيٌّ هَذَا الصَّخرُ
يَشُجُّ بَسمَتِي .. أَعشَقهُ
يَشُقُّ لَهفَتِي .. أَعبُدهُ
فَاسَّاقَطِي على أَورَاقِي الإسمَنتِيَّةِ
دَعِيها تَنصَهِرُ مِن حُمَمِ قَطَرَاتِكِ
وَسَأَقُولُ :
- هَذَا اِنتِحَارِي .
*- 5 -*
بِالأَمسِ شَاهَدتُ / لُوركَا /
يَنثَالُ مِن صَوتِكِ النَّدِيِّ
كَانَ يَضحَكُ بِغُرُورٍ
صَرَختُ :
- أَيَا صَدِيقَ الطُّفُولَةِ
لَم أَعتَدْ على اِسبَانيَا
لِتَأخُذَ حَبِيبَتِي مِنِّي
اِذهَب إلى أقَالِيمِ بِلادِكَ
فَتِّشْ عَن عَشِيقَةٍ هُنَاكَ
حَدَجَنِي بِبَسمَةٍ .. وَقَالَ :
- اِسمَعَ قَصِيدَتِهَا عَنِّي
وَأُسَمِّيَ هَذَا اِنتِحَارِي .
*- 6 -*
نَدَى ..
يَا تَشَنُّجَ الرُّوحِ
يَا زَمهَرِيرَ الفُؤَادِ
يَا هَوًى مَحفُوفًا بِالمَقَابِرِ
شُقِّي جُمجُمَةَ الدَّوَالِي
لِأَقُولَ :
- هَذَا اِنتِحَارِي .
*- 7 -*
أَقتَرِبُ مِن طَيفِكِ الهَارِبِ
صَحرَاءَ أَحتَضِنُ
أَنتِ والسَّرابُ تَوأَمَانِ
وَأَنتِ وَجهُ الضَّبَابِ العَابِسِ
وَأَنَا أَخطُو فَوقَ الوَهمِ
يَجرَحُنِي الصَّمتُ بِبَسمَتِهِ السَّاخِرَةِ
فَأُضَمِّدُ أَنِينِي بِأَمَلٍ يَنُزُّهُ حُلُمِي
وَأَخطُو فَوقَ دُمُوعِي
هَاتِفًا قَلبِيَّ الشَّقِيَّ :
- لَو كَانَت عِينَاكِ مَشنَقَتِي
سَأُطَارِدهُمَا لِلأَبَدِ
وَأُسَمِّيَ هَذَا اِنتِحَارِي .
*- 8 -*
نَدَى ..
يَا قَطرَةً هَشَّمَت ضُلُوعِي
يَا تَجَاعِيدَ الدَّمِ اليَابِسِ
يَا رَمَقَ الضِّحكَةِ المُحتَضِرَةِ
تَوَقّفِي عَن تَرتِيلِ الصَّمتِ
أَحلُمُ بِنَعشٍ مُكَلّلٍ بالنَّارِ
وَبِرَمسٍ يَعِجُّ بالأَظافِرِ
لأقولَ :
- هَذَا اِنتِحَارِي .
*- 9 -*
نَاشَدتُ الدَّهرَ أَلَّا يَلُومَكِ
الدَّهرُ الّذِي أَهنْتِهِ
وَمَحَقتِ أَموَاجَهُ
قُلتُ :
- بَرِيئَةٌ مِن دَمِي
وَأَمَرتُ العَصَافِيرَ أَلَّا تُهَاجرَ
وَالْقَمَرُ الغَاضِبُ
هَدَّأتُ بِهِ العُنفَ
كَيْ لا يُخَاصِمَ شُرفَتَكِ العَالِيَة
بَرِيئَةٌ مِن اِثمِهَا المُرِيعِ
وَهَذَا اِنتِحَارِي .
*- 10 -*
نَدَى ..
يَا شَظِيَّةَ الصَّبَاحِ
تَفَسَّخَت أَورَاقِي الثُّكلَى
وَتَيَبَّسَ الشَّوقُ خِنجَرًا
تَلَوَّت لَهُ الشَّكَاوَى
وَأَنتِ لَم تَأتِي
وَلَستِ دَارِيَةً !!
*- 11 -*
سَأَنقَضُّ عَلَى شَفَتَيكِ بِأَوجَاعِي
أَنَا الصَّدَى الّذِي ضَاعَ
في زُحمَةِ الصَّمتِ
أَنَا المَمزُوجُ بِالخَنَاجِرِ
عِندَمَا تَنفَجِرُ اللُّغَةُ في اِرتِعَاشِي
سَأَنقَضُّ عَلَى زَفِيرُكِ الحَارِّ
أَكرَعُهُ خَمرًا ..
وَأُصَلِّي فَوقَ جَنَاحَيهِ
أَنَا الوَلَدُ الشُّرِيرُ
الّذِي اِقتَحَمَ الحُبَّ فَانذَعَرَ
أَنَا الشَّاعِرُ الدَّجَّالُ
أُوَحِّدُ بَينَ السَّفكِ وَالهَوَى
وَأَقُولُ عِندَ ضِفَافِ الشَّوكِ :
- هَذَا اِنتِحَارِي .
*- 12 -*
نَدَى ..
يَا سَعِيرَ الهَمسِ
يَا رُكَامَ الدَّمعِ الزَّانِي مَع الشَّمسِ
يَا جُنُونَ البَرقِ المَخزُونِ بِالنَظَرَاتِ
مَتَى تَرحَلُ آلامُ الرُّوحِ عَنِّي ؟!
مَن يَخلَعُ المَسَامِيرَ مِن ضُحكَتِي ؟!
مَن يَبتُرُ أَغصَانَ الشَّوقِ ؟!
لِيَنبَجِسَ المَوتُ في عُرُوقِي
وَأَقُولُ :
- هَذَا اِنتِحَارِي .
*- 13 -*
تَوَضَّأتُ بِالجَمرِ،
فَاسْتَحَمَّ البَحرُ مِن أَنِينِي،
أَيُّهَا القَلبُ الرَّجِيمُ،
كَرِهْتُ نَبْضَكَ الثَّرْثَارَ،
تَافِهٌ فِي أَمَانِيكَ السَّرَابِيَّةِ،
أَيَا عَنكَبُوتَ الكَلِمَاتِ المُتَهَدِّجَةِ،
يَا رِيَاحَ السُّكُونِ البَلِيدِ،
يَا مَوْطِنَ الكُفْرِ وَالخُرَافَةِ،
سَأَقْتُلُ فِيكَ الهَوَى العَقِيمَ،
وَأَقُولُ:
*- هَذَا انْتِحَارِي.*
*- 14 -*
إنِّي أَنْحَرُ خَلَايا الوَقتِ
أُفَتِّتُ غُبَارَ الوِحدَةِ
وَأَرْكِلُ دُمُوعَ الأَنوَاءِ
أَنَا النَّسْمَةُ الهَرِمَةُ
أَنَا البَسْمَةُ النَّزِقَةُ
يُحَدِّدُ اِنْهِيارِي
شَكْلَ اِنْتِحَارِي.
*- 15 -*
نَدى ..
مَزَّقتُ حُبَّكِ وَانهَزَمتُ
إلى وَحلِ الخَرِيفِ
تَمَدَّدتُ على الغَمَامِ
وَانفَجَرتُ ..
فَرَاشَةٌ حَامَتْ حَولَ النَّدى
وَاخْتَنَقَتْ ..
أَشهَدُ أنّكِ القَاتِلَةُ
وَأَقُولُ:
هَذَا اِنْتِحَارِي!.*
مصطفى الحاج حسين.
حلب عام 1986م

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق