ما عادَ في العُمْرِ اتِّساعٌ للصَدى
محمد حسام الدين دويدري
________________
لَيلايَ, لا تَسْقِ الفؤادَ على الظما
كأسَ الهوانِ وإنْ غدا مُسْتَسْلِما
فالقلبُ إنْ تَصْفُ له خفقاتهُ
يَبْقَ عَزيزاً راضياً مُتَرَنِّما
فإذا غزاهُ الصَدُّ أورَثَهُ الضنى
فغدا عَلِيلاً صاغِراً مُتَألِّما
فَدَعي عِتابَكِ و احمِلِي قِصَصَ الهوى
و دَعِي ليَ الصَبرَ العَتِيدَ المُلجِما
خَفَرَتْ ضلوعي تَسْتَبيحُ ظُنُونَها
وَ تجوبُ في الأحلامِ خارِطة السَما
ما عُدْتُ أقبَلُ أنْ أظلَّ مُقَيَّداً
في بؤرةِ الأوهامِ قَسْراً كالدُمى
ما عُدتُ أملِكُ أنْ أظلَّ مُسالِماً
في عالمٍ حَمَلَ القَنا مُتَجَهِّما
لَيلايَ, معذرةً, فما عادَ الهوى
يَجلو شَقَاءَ النفسِ كي تَتَبَسَّما
حاصَرْتِنِي, حتَّى دخلتِ مَدَائِني
و غَزَوتِ قلباً كالقِلاعِ مُرَمَّما
حتَّى إذا أسْلَمتُ نَفسي طائِعاً
أغمَدتِ فيها السَيفَ فانفَجَرَتْ دَما
أحْدَقتِ بي, و تَرَكتِ قلبي عرضةً
لعَسَاكِرِ الأشواقِ تَجتاحُ الحِمى
و رَمَيتِنِي أشلاءَ شلوٍ عَضَّهُ
سَهمٌ تَنَاوَشَ جِسمَهُ فَتَقَسَّما
يا ليتني جَبَلٌ أصَمٌّ راسِخٌ
لكنَّ قدَرِي أنْ أظلَّ مُتَيَّما
مَنْ يَركب البحرَ العتيدَ مُعانِدا
مَوجاً عَمِيَّاً لنْ يَعيشَ مُنَعَّما
ما لي و للآهاتِ تَملأ أضْلُعي
أأعيشُ عُمْري فارساً، أم مرغما..؟!
أوهَمْتِنِي أنِّي لَدَيكِ مُخَلَّدٌ
و لَعِبْتِ دورَ الحُبِّ قلباً مُغرَما
و ظَنَنْتِ أنّي قد غَدَوتُ فَرِيسَةً
تَرَكَتْ قِيَادَ مُتُونِها, فَغَرَتْ فَما
فلتَهجري قلباً يَمُضُّ جِراحَهُ
و دَعي لَظَاكِ العَذبَ وهْماً مُفعَما
و لتَدخُلي في ذِكرَياتي إنَّني
ما عُدْتُ أقدرُ أنْ أظَلَّ مُسَالِما
إنِّي نَقِيُّ القلبِ, و دمي طاهِرٌ
يا طِيبَ ما خَفَقَ الفؤادُ فَبَرْعَمَا
لكنَّ حُبِّي لَنْ يَكونَ مُقارِعاً
و أنا الذي قدْ عِشْتُ فيهِ مُسَلِّما
ما عَادَ في العُمْرِ اتِّساعٌ للصدى
فَدَعي خيالي كي يَطالَ الأنجُما
ما عُدْتُ أقدرُ أنْ أطيقَ مَرَارَتي
و الحُبُّ في نَهدَيكِ أصبحَ عَلْقَمَا
ليلايَ, فُكِّي أسْرَ قَلبكِ مِنْ يَدي
ودَعِي فؤادي للنَدى مُتَوَهِّما
كَمْ قُلتُ قَبْلَكِ للخَلائِقِ صارِخاً
دامَ الغَرَامُ على القُلوبِ مُعَلِّما
ناشَدْتُ وَصلَكِ في الخَيَالِ مُعَلّلا
فالحُبُّ قدْ يَشفي القلوبَ مِنَ العمى
................
السبت 30 /5 /1998

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق