السبت، 17 أبريل 2021

قصة & رجوع السندباد & بقلم الأديب : سلمان فراج

 قصة قصيرة للأديب سلمان فراج


                               رجوع السندباد    


                                              

                                        ١    

                                     

    لما أيقن السندباد أن العراة الذين يرقصون حول النار على الشاطئ القريب يشوون أسرارهم ويهزجون أصابه هلع وأيقن أي مصير آل إليه في تلك الجزيرة النائية وحمد الله أنه لم يلتق ببشر بعد رغم أنه يبحث عن بشر منذ وقوعه عليها.


لبد مكانه على الشجرة المشرفة، ولما انتهى الاحتفال وابتعد المحتفلون بقواربهم تأبط بندقيته وحمل ما استخلصه من ذخيرة من سفينته الغارقة وتسلق المنحدر وقد قر قراره أن لا تدوس قدماه رمل الشاطئ حتى يتدبر أمره.

 

                                         ٢


سرعان ما تعلم أن مثل هذه الاحتفالات لا تتم إلا في الليالي المقمرة فجعل تلك الليالي مسلاته وما عداها لتحصين مأواه بالصخور والجذوع الغلظة في أعلى الجرف وللصيد. صار يحن لمرأى النار يحيط بها الهازجون وهم يرقصون، وصار يحزن إذا مرت الليالي المقمرة ولم يظهر مشهد الاحتفال.


                                       ٣


في أحد الأصائل بصر على الصخرة النائية أرنبين يتناجيان فتسرق حتى اقترب، صوّب وأطلق النار فرمى أحدهما وجاء به راكضاً فرِحاً إلى مأواه. بعد أن سلخه وأعده للشواء ألقاه على كومة الحطب وراح يُعِد النار كما يفعل عراة الشاطئ: فرك عودين يابسين فخرج منهما الدخان فقربهما من العشب اليابس تحت كومة العيدان فالتهب وارتفع اللهب وأضاء المكان، لم تكن الليلة مقمرة فغمرته نشوة من الفرح والانعتاق وراح يدور حول النار يرقص ويقفز ويتمايل ويصرخ حتى نضج الأرنب وأكله وأحرق عظامه كما يفعل العراة، ولما خمدت النار وخارت قواه أخلد للنوم.


                                      ٤


في اليوم التالي عند الأصيل رأى قارباً يقترب من الشاطئ فاستأنس ولبد يرقبه من مخبئه فوق الجرف. تعجب لأن الليلة لن تكون مقمرة. عندما حل الظلام لم تشتعل النار على الشاطئ ولم ترتفع الأهازيج والصراخ. انتظر فلم يكن إلا الظلام والصمت.


غمره إحساس غريب يحثه على المغامرة فحمل بندقيته وتسلل إلى تحت. سمع من بعيد أصواتاَ خافتة وضحكات آدمية. اقترب مصوباً بحذر فرأى عاشقين من العراة يفترشان الرمل ويتهامسان، أحس براحة ما، هيأ بندقيته وراح يتأملهما فتدفق فيه الشوق إلى أيام مضت. أدار بصره. لمح القارب فعاد وصوب، فارتعش. هز رأسه بعنف وعض شفته العليا وصوب طويلاً لكنه جذب بندقيته ورجع للوراء وقرفص خلف جذع شجرة وأطلق طلقتين مدويتين في الهواء اهتز لهما صمت العتمة فتصارخت الطيور هاربة من المكان. ارتعب العاشقان وراحا يعدوان في الظلام وانسل هو نحو الشاطئ القريب.


                                       ٥


عندما لاح ضوء السحر كان قد ابتعد بالقارب وصار يخامره إحساس بالخلاص.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

♕ قُبلةُ الموت ♕ بقلم الشاعر : البشير سلطاني

 قُبلةُ الموت  صمت أطبق على عرب وعجم وسدت أفواه على منابر ودير بنادق توزع الموت فوف أم وطفل يرتجى له طول عمر عاصفة هوجاء تنشر السموم لتروي خ...