"الطبيخ البايت "
""""""""""""""""""""""
مفعمة هي بالحيوية ،ثلاثينية العمر ،دائما ما كانت تتحرج من نغزات صويحباتها في العمل أن قطار الزواج قد فاتها ،وتعجب من ذلك عندما تراها جميلة هادئة مليحة الوجه بيضاء مشربة بحمرة ،دائما ما توصف بأنها قد حازت مسحة أوروبية في الوجه والقد ،ولكنها مكبوحة بجماح الأرض الطيبة بملا محها الشرقية ، سمرة النيل من غير سمرة، وإنما فاض عليها النيل باشراقته وزهوه وصفاءه ونوره ، فكانت هي سميحة عثمان ،المحاسبة في بنك التسليف الزراعي ، تعودت طلب فنجان" النيسكافيه" من الساعي عند وصولها لمكتبها كل صباح ،تتعاطي مع رواد البنك وعملائه من المزارعين ،أكوام من الورق "الدوسيهات "أمامها تنتظر توقيع أصحابها ، بحديثها ونضارتها ورفقها بأصحاب القروض "السلف" تثير اعجاب الكثيرين ،
ومنذ أن حضر إلي البنك مديرا للفرع ،وهو يتابعها بنظراته
مدهوشا من رقي الحديث ورقته ،هدوء التعامل وجاذبيته ،من نضارتها ،عنفوان شبابها الصارخ ،يأخذه الفضول فيسأل عنها فهو لا يعرف عنهاأكثر من اسمها ،فيخبره ثعلب البنك الساعي وهو العم "غانم "من يعرف كل صغيرة وكبيرة في البنك ،إنه ممن يسترقون السمع من داخل المكاتب ،وفي باحات الصالات حتي لقب بتعلب البنك رغم استكانته ورثة مظهره ،يخبره العم غانم عن تفاصيل حياتها وأنها لا تزال فتاة بعد، و لم يسبق لها الإرتباط سوي بابن عمها العاطل الطامع في مرتبها فانفصلت عنه بعد خطبة دامت بينهما عامين ،فيسأله غانم
- ولما تسأل عن سميحة بالذات ياريس ؟
المدير :مجرد سؤال ،لأطمئن علي من يعملون معي في البنك !!!
يضحك غانم من قوله وقد وضع فنجان القهوة علي الطاولة أمام المدير وأمسك بريموت التكييف فزاد من تبريده وجلس ثم قال في تهكم :
- ولما لم تسألني عن الأستاذة سعدية ،وكيلة الفرع ياريس ؟
-المدير: ياباي !!! سعدية كشرية أصلا ومش حلوة ياغانم !!!! مرضعة قلاون ياراجل !!!
غانم وقد تحرك الثعلب الذي يأويه بداخله فاشتم رائحة مشروع زواج يلمح له المدير من سميحة فيقول :
- والله يامدير أنت ابن حلال تستحق كل خير ،وسيادتك كنت غير محظوظ في زيجاتك السابقة ،وما زلت شابا وتتمناك وتركع تحت أقدامك أجملها بنت ، وسيادتك شيك ومالي،وشباب وأصول ، أتحب أن أكلمها لك ، وأعرض عليها طلب زواجك منها ؟؟
- وبعد تردد يعطي له المدير" زفتاوي " الإشارة الخضراء ليفاتح سميحة في طلب الزواج فيهرول غانم إلي مكتبها ،وقد اقترب موعد الإنصراف ولا من عملاء لديها ،فيفاتحها في الأمر ،فتدهش من قوله :
- الأستاذ زفتاوي المدير طالب مني الزواج ،ياعم غانم !!! ده في سن أبويا !!!
- لالا يابنتي ده بالكتير عنده خمسين سنة ،واتزوج مرتين وطلق ،ومالوش أولاد ،وغني ،وعنده فلوس أكتر من فلوس البنك ،أيه رأيك يابنتي ؟
- رأيي في ايه ياعم غانم ،عنده خمسين سنة ،وأنا رفضت من هو أصغر وأصبى منه بمراحل ،وكمان مطلق اتنين ،لالا ياعم غانم ؛ده ناقصه طقم اسنان ،وكمان اسمه زفتاوي ترضى لي كده ياعم غانم أن اتزوج واحد اسمه "زفتاوي خربوش "ده بقي طبيخ بايت ياعم غانم .
وينصرف غانم وأذيال الخيبة تتبعه ،فقد خسر المكافأة التي وعده بها الزفتاوي إن تم الزواج ،فآثر أن يقدم لمديره فنجان من القهوة السادة ،ففهم المدير رسالته هذه ،وأدار كرسيه الدوار تجاه الحائط ولم يلفظ بكلمة .
🌹🌹🌹
🖋محمود أحمد الحكيم🌹
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق