( خَمرَةُ الجَمالِ)
حَلَّقتُ فِيْ عَيْنَيكِ دُونَ جَناحِ
فَثَمِلْتُ مِنْ خَمْرٍ بِلا أَقداحِ
وَغَرِقتُ فِيْ يَمِّ الجَمالِ، فَإِنْ أَمُت
فَأَنا شَهِيْدُ جَمالِكِ السَّفَّاحِ
لَكَأَنَّ كُلَّ خَواطِرِي وَمَشَاعِرِيْ
قَد أَشرَقَت مِنْ وَجهِكِ الوَضَّاحِ
لا رَيْبَ أَنَّا قَد مُزِجنَا حِقبَةً
فِيْ عالَمِ الأَسرارِ والأَرواحِ
أَو فِيْ جِنانِ الخُلْدِ كُنَّا مُهْجَةً
مِنْ عَهْدِ ( آدَمَ ) آكِلِ التُّفَّاحِ
حَمَلت خَطايَا الخَلْقِ وَهْيَ بَرِيئَةٌ
وَتَمَرَّغَت فِيْ أََدمُعٍ وَجِراحِ
حَلَّقتُ فِي عَيْنَيكِ فَرَأَيْتُ الدُّنَى
رَوضَاً ... شَدَوتُ كَبُلْبُلٍ صَدَّاحِ
وَقَرَأْتُ فِيْ جَفنَيْهِما سِفرَ الهَوَى
وَهَرَبْتُ مِنْ حُزْنِيْ إِلَى أَفْراحِيْ
وَنَجَوتُ مِنْ بَطشِ الزَّمانِ وَأَفلَتَت
رُوحِيْ مِنَ الأَوجاعِ والأَتراحِ
يَاآيَةَ الحُسنِ المُفَجِّرِ لِلْمُنى
عَيْنَاً تَسِيْلُ بِعَذبِهَا الفَوَّاحِ
لا شَيءَ في دُنيايَ يُؤرِقُ إِنْ بَدَت
عَيناكِ لِيْ كَالشَّطِّ لِلْمَلَّاحِ
أَنا زَهْرُ عُمرِيَ ساعَةٌ يَصفُو بِهَا
لِيْ قَلْبُكِ الحَاني وَوَردُ طِماحِيْ
يَا لَوحَةً رُسِمَت بِرِيْشَةِ مُبْدِعٍ
كَمْ أَعجَزَت حَرفِي على الإِفْصاحِ
كَمْ طَوَّقَتهَا بِالقَداسَةِ أَضْلُعِيْ
وَلَهَا نَذَرتُ تَبَسُّمِيْ وَنُواحِيْ
أَدمَنْتُ رُؤياها وَماامتَدَّت لَهَا
كَفِّيْ بِغَيْرِ مُبَرَّرٍ وَمُبَاحِ
وَحَضَنتُهَا بِالرُّوحِ قَبْلَ لِقائِها
وغَفَوتُ والقَلْبُ المُتَيَّمُ صَاحِِ
لَمْ تَختَرق حُلْمِيْ لِأَنِّيَ حالِمٌ
بِها دائِماً فِيْ الْلَّيلِ والإِصباحِ
أَو أَعتَرِف يَومَاً بِأَنِّي عاشِقٌ
عَينايَ تُغنِيْها عَنِ الإِيضَاحِ
شَغَفِي بِها جَعَلَ العَذابَ عُذوبَةً
وَبِدونِها الدُّنيا أَنِينَ جِراحِ
حَلَّقتُ فِي عَينَيْكِ دُونَ جَناحِ
وَدَخَلتُ رَوضَةَ زَنْبَقٍ وَأَقاحي
فَلتَقبَلِي أَسرِي بِرَوضِكِ رَاضِيَاً
لا تُطلِقِي مِن مُقلَتَيْكِ سَراحِي
شعر ؛ زياد الجزائري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق