.......................... (خُذْنِي إِلَى الدَّيْرِ)
يَا سَائِقَ الظَّعنِ ... إِنَّ الشَّوْقَ قَدْ غَلَبَا
وَجَاوَزَ الصَّبْرُ حَدًّا ...... وَارْتَمَى تَعِبَا
خُذْنِي إِلَى الدَّيْرِ قَلْبِي كَمْ بَكَى حَزَنًا
مُذْ فَارَقَ النَّهْرَ .. والصَّفْصَافَ وَالغَرَبَا
لا تَبْخَلَنَّ عَلَى ... مَنْ رُوحُهُ سَكَنَتْ
شَطَّ الفُرَاتِ .. وَلاَقَى فِي الهَوَى نَصَبَا
خُذْنِي إِلَى النَّهْرِ .. يَرْوِي الْجِسْمَ كَوْثَرُهُ
وَالمَوْجُ يُطْفِىءُ .. نِيرَانَ الجَوَى لَجِبَا
قَدْ تَاقَتِ النَّفْسُ أَيَّامًا لَنَا انْصَرَمَتْ
كَانَتْ كَمَا الوَرْدُ ..... مُزْدَانًا وَمُخْتَضِبَا
فَالْخَيْرُ يَخْطُرُ فِي أَرْضٍ كَلِفْتُ بِهَا
اللهُ بَارَكَهَا ..... فَيْضًا بِهَا انْسَكَبَا
مَنْ ذَاقَ يَوْمًا لِبِنْتِ الشَّامِ طَعْمَ قِرًى
مَا كَانَ يَنْسَى النَّدَى .. مِنْ كَفِّهَا انْسَرَبَا
وَلاَ تَغَافَلَ عَنْ طِيبٍ .... يَتِيهُ بِهِ
أَهْلُ الفُرَاتِ إِذَا مَا الوَصفُ قَدْ طُلِبَا
خُذْنِي إِلَى الجِسْرِ ... وَالأَنْوَارُ تَغْمُرُهُ
تُرَاقِصُ المَاْءَ فِي سِحرٍ لَهَا ... عَجَبَا
وَلِلنَّسِيمِ بِجَوْفِ اللَّيْلِ ....... نَغْمَتُهُ
يُذْكِي لَوَاعِجَ صَبٍّ .... بَاتَ مُرْتَقِبَا
طَيْفٌ يُؤَرِّقُ أَجْفَانًا ... لَهُ انْتَظَرَتْ
طُلُوعَ فَجْرٍ .. عَلَى الأَفْنَانِ قَدْ غَرَبَا
لِتَسْتَرِيحَ هُمُومٌ ..... بَرَّحَتْ كَبِدِي
وَتَجْتَلِي أُمْنِيَاتِي .... كُلَّ مَا احْتَجَبَا
عَنْ مُقْلَتَيَّ وَمَا تُخْفِيهِ مِنْ صُوَرٍ
تُبَدِّدُ الشَّكَ .... وَالأَوْهَامَ ..... وَالرِّيَبَا
أَنَا الفُرَاتِيُّ .... عِشْقُ الدَّيْرِ تَيَّمَنِي
وَزَادَنِي شَرَفًا ...... أَصْلاً وَمُنْتَسَبَا
كَانَ انْتِمَائِي ِلأَهْلِ الشَّامِ .. مَفْخَرَةً
فَأَكْمَلَ الدَّيْرُ مَجْدًا ... زَاحَمَ الشُّهُبَا
هُمْ لِلْمُرُوءَةِ ..... عُنْوَانٌ لِمُصْطَرِخٍ
وَلِلْمَكَارِمِ صَرْحٌ ...... عَانَقَ السُّحُبَا
وَلِلرُّجُولَةِ يَوْمَ الرَّوُعِ .. أُسْدُ شَرًى
إِنْ أَطْبَقَ الخَطْبُ فِي الْمَيْدَانِ أَوْ حَزَبَا
هَذِي الشَّمَائِلُ ... مِنْ أَحْسَابِنَا نَهَلَتْ
ذَاكَ الإِبَاءُ ... الَّذِي مَا كَانَ مُكْتَسَبَا
لكِنَّهَا مِنْحَةُ الخَلاَّقِ ....... تَوَّجَهَا
طَبْعٌ أَصِيلٌ ..... بِهِ قَد مَيَّزَ العَرَبَا
أَنْعِمْ بأَرْضٍ بِهَا الأََجْدَادُ قَدْ رَقَدُوا
وَالأَصفِيَاءُ ... وَسِفْرُ الدَّهْرِ قَدْ كَتَبَا
مَنْ رَامَ عَيْشًا بِدَيْرِ العِزِّ فِي دَعَةٍ
لاَ بُدَّ حِلْمًا ... بِهِ قَدْ يَبْلُغِ الأَرَبَا
لهُ أَكُفٌّ بِفِعلِ الخَيْرِ ...... سَابِغَةٌ
يَعفُو وَيَصْفَحُ .. عَنْ زَلاَّتِ مَنْ غَضِبَا
وَلاَ يُفَتِّشُ عَنْ ذَنْبٍ .... يُعَابُ بِهِ
جَارٌ تَنَاءَى .... وَلاَ جَارٌ لَهُ اقْتَرَبَا
وَخَوْفُهُ مِنْ إِلَهِ العَرْشِ .... يُبْعِدُهُ
عَمَّا يُشِينُ ..... وَعَمَّا يُورِثُ العَتَبَا
شَآمُ ...... يَا بَيْرَقًا لِلنَّصْرِ يَا أَمَلاً
يُوَاكِبُ الفَنَّ ...... وَالإِلْهَامَ ...... وَالأَدَبَا
أَيَزْدَرِي مَجْدَكِ الوَضَّاءَ مُغْتَصِبٌ
وَيَنْهَبِ الجُوعُ .. مَنْ كَانُوا لَهُ حَرَبَا
قُلْ لِلْغُزَاةِ بِأَنَّ الشَّامَ ....... قَادِمَةٌ
تَطوِي الجِرَاحَ .. وَذُلَّ القَيْدِ .. وَالوَصَبَا
فَالْكِبْرِيَاءُ بَأَرْضِ الشَّامِ قَدْ نَبَتَتْ
وَغَضْبَةُ الحَقِّ ... تُردِي كُلَّ مَنْ نَهَبَا
.. رشاد عبيد
سورية - دير الزور
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق