وطني الغائب الحاضر
..لكل واحد منا حكاية عشق لوطنه مهد أجداده وحضارته..وهو حضن الأمان ومكان الولادة والنشأة والصبا والشباب. كل منا يحمل في ذكرياته الأيام التي عاشها على مدى السنين في وطنه..الوطن تعني الموطن في القلب لذلك كل واحد منا يستوطن وطنه في قلبه.. كل منا يعشق وطنه حتى لو تغرب عنه سنين طويلة..يبقى وطنه هو العشق الأول له.. يضل يذكره ويشتاق له ويبكي اشتياقا له ولأرضه ومعالمه وملامحة.. يتغزل به كما يتغزل بالفتاة الحسناء..ونجد ذلك في قصائد معظم الشعراء الذين يتغنون بأوطانهم وعشقهم له ..فكيف لا وهو يسكن القلب والوجدان....
ولكن عشقي لوطني فلسطين له نكهة وطعم آخر..أتدرون أنا اعشق وطنا لم أراه قط في حياتي، ولم تدوس قدماي أرضه، ولم أشم عطر وروده، ولم أشرب من مياهه، ولم أتذوق طعم ثماره، ولم أركض في حقوله ، ولم يكن يوما سماءه غطاءا لي، ولم أرى شروق الشمس فيه ولم أسامر القمر والنجوم في لياليه ، ولم يكن عشبه يوما مجلسا لي ، لم أشاهد بحاره وأنهاره ،لم أصلي في أقصاه، ولم أمتع ناظري بجمال قبة الصخرة، ولم أسير في ساحات القدس يوما. لم ألعب مع أقراني في حاراته وزقاقه . ليس لي فيه ذكريات عشتها فأتذكرها..فنحن من سمونا لاجئون . عشنا فقط مع حكايات أجدادنا ووالدينا عن فلسطين وذكرياتهم هناك . وطني فلسطين هو الحاضر الغائب .. كان حضوري في فلسطين حلما طالما زارني .ولكن بقي الحلم حلما.أتدرون أنا أعشق وطني فلسطين حتى الثمالة. هو يتربع على عرش قلبي، ويسكن روحي .هو النفس وشذاها .هو الماضي الذي لم أعيشه ، وهو الحاضر بمشاعر الحزن والتألم عليه. هو المستقبل الذي تتمناه نواظري ووجداني ..هو ذكريات لم أحياها..أتدرون كأن عشق الوطن يولد داخلنا ونحن بأرحام الأمهات .وعند ميلادنا يضل ملتصقا بنا كتوأم متشابه؛ فوطني أنا، وأنا وطني؛ فهو الحاضر الغائب
يا وطنا يعيش ويحيا فينا
وهو كل أحلامنا وأمانينا
لو ملكوني الدنيا بأسرها
لا أهوى غير وطني فلسطينا
هو جنة الخلد ونعيمها
فكيف بالله أنساها وأسلوها
فلسطين هو العشق الذي
عاش وتربع وتملك فينا
وطني أنت من يروي الفؤاد
ويرد الحياة والروح فينا
سنعود يا فلسطين يوما مهما
طال الزمان ونقبل ثراك وروابينا
ونصلي في المسجد الأقصى
فهو قبلتنا الأولى وأمانينا
قسما سنطرد العدا من أرضك
وتعود حرا أبيا يا فلسطينا
عائدة طلوزي ..الأردن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق