زائر في ظلمة الألم
محمد حسام الدين دويدري
__________________
زارني الشيطان يوماً
ماسحاً كفي بلحيته الهزيلةْ
قائلاً: "ماذا عساك تقول
لزمرة العجز النحيلة
ومن أتيح له الحصاد بلا قيود مستحيلةْ
يا ترى ماذا تقول
وأنت في عمر الكهولةْ
تستعين على الغلاء بقوة باتت كليلةْ
هل ستغنيك الثقافة والقراءة والكتابة
والتقاليد الأصيلة...؟
ما تقول إذا أتيتك بالغلال وبالثراء وبالحصيلةْ
أنت تقبع في الزوايا قانعاً
والليل يطحن عمرك المسفوح في عجز الفضيلةْ
كنتَ تنسج من غلال الشعر مايشجي
وتحسبها البطولةْ
حالماً بالعطر والعزّ المؤكّد للنقاء وللرجولةْ
إنما أراك كهلاً
طاعناً في السن
تُعوزك الوسيلةْ
غدوت إذ تمشي الهوينى
تتقي شرّ السقوط بنقلة "العُكّاز" متكئاً
ومرتضياً سبيلهْ
تعيش ضائقة الغلاء بحسرة صارت خجولةْ
والقوم يسعى جلّهم للكسب
في زمن التوحّش والتكالب والفحولةْْ
لافرق بين حصادهم في السر والإعلان
في الصور الصقيلة
حاشا وكلا أن يعيش عزيزهم في الذل
في المدن الجليلة
فالذلّ أن تحيا حياة الفقر في عجز
غدوتَ بأرضه القفرى نزيلهْ
فانهض وقل للشعر: هيا نرسم الصور التقيلَةْ
كلّ شيء في سبيل الكسب يغدو متعة
والكل يحسبها جميلة
قم وامتط متن الحروف
وخذ من الكسب دليله
واجعل حصانك جامحاً
فالخوف يسلبه صهيلَه
عش في الحياة بلا قيود تعتريك
وغادر الحجب الهزيلة
فانعم بما يبقيك غِرداً
واصطفِ من الآتي لآتيكَ خميلةْ"
* * *
صحت في الشيطان : دعني
واكفني قولاً وقيلا
راح يضحك ساخراً مني ولم يشف غليله
مبرزاً أنيابه السوداء
مفترضاً وصوله
رحت أصرخ في لهاث الخوف مرتجياً رحيله
ثم إني قد صحوت معوّذاً
والليل قد أرخى سدوله
حامداً ربي
فإني لم أزل أرسو على أرض الفضيلة
.....................
٢٦/ ٢ / ٢٠٢٣
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق