نظرية المثلث.
د. غادة ناجي طنطاوي. Ghada_tantawi @
يقولون؛ نظرة، فابتسامة، فموعدٌ، فلقاء..!! وأنا أقول؛ نظرةٌ، فابتسامة، فموعدٌ، فلقاء، فإعجاب ثم زواج..!! وتكثر الأقاويل فيما بعد ذلك، لتصبح باهتة، حزينة وتدعو للشفقة..!! فبعض الجهلة يقولون، أن الحب يموت بعد الزواج..!! وكالعادة تفوقنا في طرح النظريات السلبية دون أدنى تفكير لماذا طُرِحت في بداية الأمر..؟؟ فهل حقًا أصابوا فيما ابتدعوه..؟؟
قال تعالى؛ "وَمِنْ آيَٰاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰاجًا لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَأياتٍ لِّقَوْمٍۢ يَتَفَكَّرُونَ". أزواجًا من نفس جنسكم، ليميل بعضكم إلى بعض، فإن الجنس إلى الجنس أميل، والنوع إلى النوع أكثر ائتلافًا وانسجامًا، والسكنى هي استكانة الجسد واطمئنان الروح، لتتحول لاحقًا إلى شعورٍ تطغى عليه المودة والرحمة.
كيف لذاك الحب أن ينتهي أو يموت وقد شرع الله له أسمى الطرق للحفاظ على استمراريته..؟؟ عندما نتبع أجنداتٍ وُضِعَت لهدم الأسرة، تندد بالإستقلالية الفارغة والحرية المغلوطة، ونصفق لها دون وعي لعمقها، سينتهي هذا الحب، عندما يتخلى كل طرفٍ عن أداء واجباته ليطالب فقط بحقوقه سيختنق هذا الحب، عندما تعلو لغة الصراخ والإهانة على صوت الإحترام سيتلاشى هذا الحب، عندما تتسيد الأنانية والهيمنة على عرش النفس البشرية وتصبح الآمر الناهي، ويتسلل القاتل الصامت (الروتين) إلى حياتك دون أن تشعر، لإنشغالك بأمور الدنيا، فحتمًا أنت تجهز بيديك أكفان ذاك الحب..!!
في علم النفس، هناك نظرية عُرِفت بنظرية المثلث، تنص على أن العشق، الحب والوله يسبب العته الفطري..!! اختيارك لشخصٍ بعينه تتمحور حياتك حوله، ليصبح هو المؤشر الوحيد للسعادة والتعاسة لديك، نوعٌ من الجنون، فالإنسان بطبعه كائن إجتماعي يميل إلى التفاعل مع رسائل من حوله، ولكن عندما يتوحد قلبًا وقالبًا مع شخصٍ واحد، تختلط الأمور عليه وتحتضر فيه المشاعر..!! الآية واضحة وصريحة، قال تعالى مودةً ورحمة، ولم يقل حبًا وعشقًا..!! لأن القلب بعد فترة لا يفقه لغة الكلام ويميل لرؤية أفعالٍ تعزز كل أبيات الغزل وهدايا الغرام..!! عندما يصبح الزواج الغاية الوحيدة لتفريغ طاقاتك الجسدية، الهدف الوحيد لإستمرار الذرية، تغيب عنه العلاقة الحميمية في التواصل الجسدي والعناق، يتحقق لديك الشعور المطلق بإمتلاك شريك حياتك ويرتدي برقع الإهمال، يستحوذ عليك شعور الملل ليقتل تقديرك لذاك الشريك..!! فاعلم تمامًًا بأن الحب سيحزم حقائبه ويعلن الرحيل.
نحن نبحث عن الأشياء الناقصة عوضًا عن النظر لما نمتلكه، ولا نبذل أدنى مجهود للإبقاء عليه، ننتظر الأخذ دائمًا وننسى العطاء، أنت من يكتب قصة حياتك، الرومانسية، الاجتماع حول مائدة واحدة، وحتى الخلافات ثم التصالح، جميعها لها دلالات أعمق بكثير من الحب الذي نشاهده في الأفلام، ونقرأ عنه في القصص والروايات. فإن قرر حبك الرحيل عن حياتك الزوجية، لاتساعده في الحصول على تذكرة السفر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق