( خِطابٌ إِلى القَلبِ)
أَما يكفيكَ ياقَلْبُ اضْطِّرابا
وقَد أَتلَفْتَ في الحُبِّ الشَّبابا
وَطارَدتَ السَّرابَ بِغَيْرِ جَدوَى
فَعَادُ الشَّوقُ بُؤْساً واْكْتِئَابَا
سِنُونَ أَضَعتَهَا فِي عِشْقِ وَهْمٍ
فَيالَكَ مِنْ ذَكِيٍّ كَم تَغابَى !
أَتُغْرِينِي بِأَحلامٍ تَلاشَت
وَلَمْ تَترُكْ لَنَا إِلاَّ العَذَابَا ؟
لَقَد كَانَ الهَوَى صَنَمَاً وَكُنَّا
نُنَاجِيْهِ... وَلَمْ نَسمَعْ جَوابَا
وَقَدَّمْنا قَرابِيْنَاً بِجَهْلٍ
نَظُنُّ بِأَنَّنَا نَجنِيْ الثَّوابَا
غَرِيْبُ الرُّوحِ لا يَشكُو اغْتِرابا
عَنِ الأَوطانِ.. يَلتَمِسُ الإِيَابَا
ولَكِنَّ الَّذي يُضنِيْهِ شَوقٌ
إِلى حَقٍّ تَغَرَّب.. ثُمَّ غَابَا
فَما أَبْقَى الغِيابُ سِوى ضَلالٍ
وأَوهامٍ تُجَرِّعُنَا السَّرابَا
أَيَا قَلْبَاً هَفَوتَ إِلى ظُنُونٍ
بِأُفْقِ العُمْرِ كَمْ لَمَعَت شِهابَا
وَأَنْهَكْتَ الخُطا خَلْفَ الأَمَانِي
فَبَدَّدتَ المَطامِحَ والرِّغَابَا
وَخَادَعَكَ الجَمَالُ وَلَيْسَ إِلَّا
وُجُوهَاً قَد عَشِقتَ بِهَا إِهابَا
وَمالَمَحَت عُيُونُكَ ماتَوَارَى
وَأَنَّ العَذْبَ قَد يُخْفِيْ العَذَابَا
بَذَرتَ بِأَرضِ مَنْ تَهْوَى وُرُودَاً
وَبَعدَ رِعَايَةٍ نَبَتَت حِرَابَا
غَرِيْبُ الرُّوحِ مَطمَحُهُ بَعِيْدٌ
كَنَسرٍ ماارتَضَى إِلاَّ السَّحَابَا
تَجاهَلَ كُلَّ إِخفاقٍ وَبُؤْسٍ
تَحَمَّلَهُ وَذَاقَ بِهِ العُجَابَا
وَظَلَّ يَرُومُ فِيْ الدُّنْيَا كَمَالاً
وَظَلَّت مِخْلَبَاً تُبْدِيْ وَنَابَا
تَقَلَّبَ فِيْ أَتُونِ العِلْمِ دَهْرَاً
وَفِيْ الأَشعَارِ والأَفْكارِ ذابَا
وَكَم مِنْ حِكْمَةٍ عَقْلاً وَعَاهَا
وحِينَ رَأَى المَواعِظَ مااستَجَابَا
إِلى أَنْ صَاحَتِ الدُّنْيا بِصَوتٍ
جَلِيٍّ ؛ لَنَ تَنالَ بِيَ الرِّغَابَا
إِذا لَمْ يَحتَكِمْ بِالقَلْبِ عَقْلٌ
يُضِيئُ لَهُ الحَقِيْقَةَ والصَّوابَا
فَفَكِّر قَبْلَ أَن تَهوَى فَتَهْوِي
وَتُخطِئَ فِيْ عَواطِفِكَ الحِسَابَا
..شعر ؛ زياد الجزائري
مساء ٢٧ تشرين٢ عام٢٠١٨م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق