مــشــعـــل الأفــّاك
بقلم : صخر محمد حسين العزة
جمع رسول الله صلى الله عليه وسلَّم بين حُرمة العرض وحُرمة الدم ، وكان ذلك في أعظم مشهدٍ في يوم حجة الوداع ، حيثُ جمع أصحابه في مقامٍ لم يُجمع لهُ مِثلُه لا من قبل ولا من بعد ، وكان عدد الصحابة ما يُقارب مائة ألف صحابي ، وليقرر الأحكام ويبُين الشريعة لهم فقال لهم عن عبدالله بن عباس: (يا أيُّها النَّاسُ أيُّ يَومٍ هذا؟، قالوا: يَوْمٌ حَرَامٌ، قالَ: فأيُّ بَلَدٍ هذا؟، قالوا: بَلَدٌ حَرَامٌ، قالَ: فأيُّ شَهْرٍ هذا؟، قالوا: شَهْرٌ حَرَامٌ، قالَ: فإنَّ دِمَاءَكُمْ وأَمْوَالَكُمْ وأَعْرَاضَكُمْ علَيْكُم حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هذا، في بَلَدِكُمْ هذا، في شَهْرِكُمْ هذا، فأعَادَهَا مِرَارًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقالَ: اللَّهُمَّ هلْ بَلَّغْتُ، اللَّهُمَّ هلْ بَلَّغْتُ - قالَ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا: فَوَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ، إنَّهَا لَوَصِيَّتُهُ إلى أُمَّتِهِ، فَلْيُبْلِغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ ) فتهمة الزنا تُعتبر من المحارم المعظمة عند الله عزَّ وجلْ كحُرمة يوم عرفة في الشهر الحرام في البلد الحرام ، فعلى المسلم أن يصون لسانهُ من الخوض أو الطعن في عِرضِ أخيهِ المُسلم ، وأن لا يكون لساناً لكل من يطعن في أعراض المؤمنين
إن المُنافقين هم سرطانٌ في جسد كل أُمّة ودُعاة للفتن بما ينشروه من كذبٍ وتلفيقٍ للأخبار ، ومن أكثر الأمور خطورة الطعن في أعراض المسلمين ، والتعرض باللمز في النساء المؤمنات الشريفات العفيفات ، وفي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لم تسلم أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها ، من خطر هؤلاء المنافقين الذين اتهموها بشرفها ومعروفٌ قصتها في حادثة الإفك ، وكان كذباً وبهتاناً ، وبرأها الله عزَّ وجلْ صيانةً وحِفظاً لعرض رسول الله وأنزل تعالى الآية الكريمة رقم 11 من سورة النور : { إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ }
إن هذه الفئة الشاذة من الأمة على امتداد تاريخها دخيلة على قيمنا وديننا ، وعلى صاحبها أن يُراجع نفسه فسيكون مشكوكاً في أصله ونسبه ، ولا يُمكن أن يكون من يطعن في نساء الأمة الطاهرات العفيفات أن يكون عربياً أو منتمٍياً إلى أُمة الإسلام ، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم : ( تخيروا لنُطفكم فإنَّ العِرق دسَّاس ) فالنطفة التي أصلها سوء تُسيئ لنفسها ولأهلها ، ولكن يبقى الأساس في الإساءة هو لنفسه قبل الإساءة لأهله أو بلده وكما يقول المثل : ( كُل ديك على مزبلته صياح ) أو كما يقول المثل العامي : ( كل بلد فيها مزبلتها ) وهذه الأمثلة تُمثلُ من يكونوا بين ظهرانينا وفي أوطاننا ويدعون القوة والكمال بين أهلهم وقومهم في حين أنهم عكس ما يدَّعون مع الغُرباء من أجل منفعتهم الشخصية وعلى حساب شعبهم ووطنهم ، وهذا شعورٌ بالنقص والضعف وعدم الثقة بالنفس ، ويصبح يختلق ويتصور خيالات وأكاذيب وأفكار غريبة ليُشبع نفسه المريضة ، ويُرضي بها هؤلاء الغُرباء الذين يلقون له الفُتات نظير ما قدمه من أباطيل وأكاذيب لهم ، وقد يكون دافع ذلك بأن أوقعوه بأمرٍ يجعله يبيع أقرب الأقربين له ، كأن يوقعوه بالرذيلة وتكون شاهداً عليه لا يستطيع الفكاك منها ، وإذا حاول التملص ستنشر فضائحه على الملأ فيبقى فريسة وأداة طيعة لهم ينفذ لهم كل ما يطلبوه منه
إن ما دفعني لكتابة هذا المقال وفي موضوع التعرض للأعراض بالطعن هو ما نشره الكاتب الكويتي مشعل النامي بالطعن بأشرف وأطهر نساء الأرض حرائر غزة الماجدات ، ولم أكن يوماً من الأيام أن أذكر في كتاباتي شخصاً بأسمه ، ولكن تعرضه بالكذب والبهتان ومن مصادر كاذبة ومنقولة من فلانٍ إلى فُلانٍ ، إلى فُلان إلى أن وصلت إليه ، وهدفه في النشر حسب قوله هو تعريضه في الإخونجية حسب قوله أي الإخوان المسلمون ونسي هذا مشعل الإفك ومنمي الأكاذيب قول الله عزَّ وجل في سورة الحجرات – الآية رقم 6 : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ }
لا أعرف كيف سولت له نفسه المريضة أن تنقل هذا الكذب وهو الكاتب والمحلل السياسي الذي من وظيفته تحري الدقة في نقل الأخبار ونشرها ، وهو بنشره هذه الأكاذيب عن نساء غزة العفيفات هو لم يمسّهُنَّ وحدهن بل يمسُّ كل إمرأة فلسطينية ، بل وكل إمرأة عربية تعرف أختها المرأة الفلسطينية وما قدمته من تضحيات على امتداد تاريخ النضال الفلسطيني ، فالمرأة الفلسطينية هي صانعة الرجال ومصنع الأبطال ،ومن يرى ما يحدث في غزة أمام هول الأحداث والمجازر والقتل والتجويع ، وهي صامدة تحتسب كل ما يحدث عند الله عزَّ وجل ، وتجوع الحُرة ولا تأكل بثدييها ، وعليك أن تعلم يا مشعل النامي أن المجاهدين حفظة القرآن الذين أذاقوا الويل للص هاينة في معركة طو فان الأق صى وهزوا شباك دولتهم ودمروا فرقة غزة التي كانت تحاصر قطاع غزة على مدى عشرين عاماً هم نتاج المرأة الغزية التي قدمتهم فداءً لدينها وللأقصى الشريف ، هن أمهات القادة الشهداء أحمد يا سين ويح يى عي اش وعبدالعزيز الرنتي سي وإسم اعيل هن ية ويح يى السنو ار وغيرهم من الأبطال والمجاهدين الشرفاء .
إرجع للتاريخ يا مشعل النامي واقرأ عن الشعوب التي احتلت أراضيها وكم من النساء اغتصبن واستبيحت أعراضهن ، ويكفي شهادة الإعلامي الصهيو ني إيدي كوهين أن يشهد بطهارة نساء غزة وعفتهن ، فما موقفك يا أخي في الدم والدين أمام هذا الص هيوني ؟!!
ألم ترى يا مشعل النامي المرأة الغزية العفيفة الشريفة الطاهرة التي أخرجها رجال الإنقاذ من تحت بيتها المهدم ، وهم يجذبونها ليخرجوها من تحت الركام وهي متشبثة بغطاء رأسها حتى لا يظهر شعرها ، وهي تقول لرجل الإنقاذ : ( لقد قُصف بيتي وأنا أصلي ، اُستر عليّ يا أخي الله يستُر عليك ) فهي رغم الهدم والدمار الذي يُحيطها ، ورغم جراحها وألمها وفقدها ، وكل ما هي فيه من كربٍ عظيم ، فما كان يهمها إلا محافظتها على شرفها وطهارتها الذي هو أعز ما وهبه الله للمرأة بأن لا ينكشف جسدها الطاهر ، ألم تسمع نساء غزة يا مشعل النامي طيلة معركة طو فان الأق صى ما يقول لسان حالهن إلا حسبي الله ونعم الوكيل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وقولهن : ( خذ يا الله منا حتى ترضى ) على قدر ما فقدن من أبناء وإخوة وأزواج وأعزاء عليهن .
نود أن نذكرك يا مشعل النامي إن نسيت أو تناسيت وارجع إلى آبائك وأجدادك واسألهم من كان له الدور في تأسيس ونهوض دولتك - دولة الكويت ؟!! ، وليس هذا مِنّةً عليكم ، وتحية إعتزاز للكويت شعباً وقيادة وحكومة الداعمة للقضية الفلسطينية ورافضة لمسيرة التطبيع الخيانية ، فمنذ ثلاثينات القرن العشرين وصل المعلمون الفلسطينيين إلى الكويت وأنشؤوا الجهاز التربوي فيها ، وبعد النكبة في عام 1948م كان لهم الأثر الكبير في التنمية الإقتصادية التربوية والإدارية والعسكرية وكل مجالات الحياة ، وكانوا الأساس في القوى العاملة في الكويت ، فهؤلاء المؤسسون للكويت أليسوا هم أبناء هذه المرأة الفلسطينية التي منها الغزية واليافية والتلحمية والخليلية ومن كل مدينة وقرية فلسطينية ، وأذكر بعض من كان له الفضل في نهضة الكويت
أولاً : هاني القدومي مؤسس أول دائرة حديثة للإقامة وجوازات السفر في عام 1949. وفي العام نفسه عُيّن أمين سر نائب أمير الكويت، الشيخ عبدالله مبارك الصباح ، وتولى التنسيق بين الوكالات المختلفة الخاضعة لسلطة نائب الأمير، بما في ذلك الجيش الحديث العهد وهيئة الطيران المدني ودوائر الأمن العام والمحطة الإذاعية.
ثانياً : محمد الغصين : محمد الغصين من الرملة أسس أول محطة إذاعية في الكويت ، وانضم إلى الإذاعة أحمد عبدالعال أبرز المقدمين الإذاعيين والتلفزيونيين في الكويت في عام 1959م ، وكان لشريف العلمي ومجموعة عاملين إستقالوا من إذاعة الشرق الأدنى التي تمولها الحكومة البريطانية إحتجاجاً على العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956م وانضموا لإذاعة الكويت
ثالثاً : أشرف لطفي : مدير مكتب أمير الكويت ، ولاحقاً أصبح لفترة محدودة أمين عام منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبيك) وممثل الكويت فيها، إذ كان لطفي واسع الاطلاع في صناعة النفط ، وانضم عدد كبير من الوافدين الأوائل الفلسطينيين إلى دوائر الأمن العام في مناصب إدارية بين عامي 1948 و1953، كان من بينهم أنور الهنيدي وزياد زعيتر وزكريا الكردي وعبد الكريم الشوا، كما نذكر في التعليم بدر الكالوتي وعشرات الأساتذة المتميزين فكانت لجميعهم مسيرات مهنية لافتة في القطاعين الخاص والعام في الكويت
رابعاً : عبدالكريم الشوا : تميز في إدارة الأمن العام في منطقة الأحمدي تحت قيادة الشيخ جابر الأحمد الصباح، وبعد فترة تولى منصباً قيادياً في دائرة النفط قبل استقلال الكويت، ومن ثم في وزارة النفط بعد الإستقلال في مجال الموارد البشرية والتوظيف ، إنتقل بعدها لإنشاء مجموعة شركات في مجال التجارة والمقاولات تميزت بالنجاح والفعالية. وما ميز تاريخ الشوّا (كما هو الأمر مع الوافدين الأوائل) هو دعمه لكثير من الفلسطينيين ممن سعوا إلى بناء مستقبل جديد في الكويت بعد نكبة مدمرة.
خامساً : عبد المحسن القطان، كان من أبرز المساهمين في تطوير البنى التحتية الحكومية في الكويت.
هؤلاء جزء بسيط جداً ممن ساهموا في نهضة وتأسيس دولة الكويت
إنَّ المرأة فلسطينية مدرسة متكاملة في كل شيء خرجت الأجيال التي ساهمت في نهضة معظم الدول العربية ، ولها دورها النضالي الكبير جنباً إلى جنباً مع إخوتها الرجال من أبناء شعبها ، وقيل "إن خلف كل رجل عظيم إمرأة" ، لكن في فلسطين تبدو المرأة عظيمة في كل مواقعها؛ فهي تقف خلف كل حكاية شهيد أو قصة أسير أو معنى للصبر والصمود ؛ تكون المرأة أسيرة وأمّاً لأسير، وشهيدة، وأمّا لشهيد ، وقبل أن تكون شهيدة أو أسيرة، فالأم الفلسطينية مربية لأجيال دافعت ولا تزال عن فلسطين، وحملت على عاتقها تنشئة "جيل التحرير" ، بما يتلاءم مع متطلبات كل مرحلة ، وتحملت مشاق الحياة من تربية الأولاد ورعايتهم ، خاصة إذا كان الزوج معتقلا في غياهب السجون أو شهيداً ، فما أعظمك أيتها الخنساء الفلسطينية التي تُجهز إبنها وتحثَّهُ على الجهاد وتقدمه فداءاً للوطن ومقدساته ، ويخرج إلى ساحة النضال لُيجابه أعتى وأبغض إحتلال ، ليكون هذا الإبن مُطارداً فجريحاً ، ومن ثمَّ أسيراً وقائداً أو شهيداً وخير مثال القائد الشهيد يح يى السن وار ( أبو إبراهيم ) ، وفي كل الحالات تبقى صابرة وثابتة ، فالأمهات الفلسطينيات هن مدرسة في الصبر والثبات والصمود ، وهن أقوى من كُل الصدمات ولا يهُزُّهنَّ ممارسات الإحتلال ، فهن مصنع الرجال ومصنع الأبطال ، ولله درُّكُن يا خنساوات فلسطين وستبقى تتفاخرُ بكُنَّ الأجيال جيلاً بعد جيل ، وخسء كل من تطاول عليكن يا أشرف نساء الأرض ، وحريٌ بنا أن نذكر ونستعرض بعض هؤلاء الحرائر والماجدات :
أولاً : الأم المجاهدة البطلة رحمها الله مريم محمد يوسف محيسن ( أم نضال فرحات ) خنساء فلسطين وأم الشهداء والتي توفيت في عام 2013م وهي داعية إسلامية ، وقيادية من حركة حم اس ، ولها من الأبناء أربعة أولاد وستُ بنات ، وقد استشهد ثلاثة من أبنائها والرابع مكث أسيراً في سجون الإحتلال أحد عشر عاماً ، وكان أول الشهداء من أبنائها محمد فرحات (17 عاماً) خرج عام 2002م من منزله في الشجاعية في اتجاه رفح، ليقتحم مستوطنة "عتصمونا" عند الحدود الجنوبية لقطاع غزة، وقتل وحده تسعة جنود إسرائيليين، وجَرح عشرين آخرين وقد درّبه أخوه الأكبر نضال، وجهّزته أمه لتنفيذ عمليته الفدائية، حتى إنّها ظهرت معه في فيديو وصيته وهي تودّعه وتوصيه بأن " يثخن في جنود الاحتلال" ، وبعد عام واحد في عام 2003م ، لحق نضال بأخيه ، وهو أحد القادة الميدانيين في كتا ئب "الق سّام"، وأحد المهندسين الأوائل لصوا ريخ المق اومة ، وصاحب فكرة تصنيع الطائرات المسيّرة ، واغتالت أجهزة المخابرات الإسرائيلية الشهيد نضال في عملية معقّدة تم خلالها زرع عبوة ناسفة في طائرة صغيرة كان يجهّزها مع مقاومين آخرين في وحدة التصنيع العسكري ، وكان الشهيد الثالث شقيقهم رواد إستشهد في عام 2005م ، والذي أبدع أيضاً في التصنيع العسكري، وأجاد صناعة العبوات الناسفة والقنابل اليدوية والمواد الدافعة للصواريخ القسّامية ، وقد تصدى رواد للإعتداءات الإس رائيلية المتكررة في الشجاعية والزيتون في مدينة غزة، حتى اغتاله الإحتلال أيضاً عام 2005 بقصف استهدف سيارته شرق مدينة غزة ، وها هو الآن إبنها الرابع وسام فرحات ( أبو حسين ) قائد كتيبة الشجاعية يخوض معارك البطولة والفداء مع رجاله في طو فان الأق صى في حي الشجاعية ، وقد أهدى المقاتلون القسا ميون إحراق إحدى دبابات العدو له بقولهم ( لعيون أبو حسين فرحات ) واليوم في "طو فان الأق صى"، دخل المقاومون، كما الشهيد محمد، إلى المستوطنات وقتلوا الجنود، وصواريخ "القسّ ام" ومسيّراتها التي ساهم الشهيد نضال فيها تدكّ "تل أبيب" والأراضي المحتلة، والعبوات الناسفة التي أجاد الشهيد رواد صنعها تحرق جنود "إس رائيل" ودباباتها ،
ثانياً : المجاهدة البطلة فاطمة الجزار ( أم رضوان ) رحمها الله والتي توفيت عام 2016م وقد قدمت خمسةً من أبنائها شهداء وثلاثة من أحفادها وشقيقها وصهرها وكانوا جميعاً ينتمون إلى حركة الجه اد الإسلامي ، وقد كان أول المستشهدين من أبنائها نجلها أشرف في اشتباك مسلح مع قوات الإحتلال الإسرا ئيلي على حدود فلسطين الشمالية في الأول من تموز 1991م.
ثالثاً : الأم المجاهدة أسماء أبو الهيجا ( أم عبدالسلام ) من مدينة جنين البطولة والفداء الأسيرة المحررة وزوجة الأسير الشيخ جمال أبو الهيجا الدي حُكم عليه بالسجن المؤبد تسعُ مرات وعشرون عاماً فوقها وهي أم الشهيد وأم الأسرى.
لقد ربت أبنائها وأحفادها وتراهم يكبرون في ظل غياب الزوج، وتناست آلامها وأوجاعها سنوات، حتى أنها لم تعد تبصر بعينيها ، وجربت أم عبد السلام صنوف المعاناة في نفسها وأسرتها، فاعتقلها الاحتلال 9 أشهر، واعتقل جميع أبنائها عبد السلام وعصام وعماد ، وحمزة قبل استشهاده عام 2014 إعتقل هو الآخر، وقُصف منزلهم وهم داخله ، وأحرقه جنود الاحتلال أيضا عندما أخفقوا في اعتقال زوجها ، كل ذلك جعل منها صخرة صلبة تحطمت عليها آلام الحياة ومتاعبها ، وجعلها درعاً حصينة لعائلتها ، كما لم تسقط من أجندتها غرس محبة زوجها في نفوس أولاده ، وقد اعتمدت في تربية أولادها على الإعداد الجيد والتربية العقائدية لأولادها ، ومن ثم تقويم السلوك وصولاً إلى التعبئة الوطنية والتحشيد ، وتغليف ذلك تحت إطار "تحرير الوطن"، ولم تكن تكترث بالعواقب مهما كانت صعبة.
ومن أقوالها عندما استشهد إبنها والذي كان شعاراً لها عندما يستشهد أحدهم : " قطعة مني سبقتني إلى الجنة"، وتقول "ما دام الموت في سبيل الله فكل شيء يهون"
رابعاً : الحاجة لطيفة محمد ناجي أبو حميد ( أم ناصر ) أبو حميد الذي قضى في سجون الإحتلال ما يُقارب تسعةٌ وثلاثين عاماً وارتقى شهيداً بتاريخ 20 / 11 /2022 بسبب الإهمال المتعمد لحالته الصحية لأنه كان يُعاني من السرطان ، وقد سبقه في الشهادة أخوه عبدالمنعم ولأم ناصر ثلاثة أبناء أسرى يقبعون في سجون الإحتلال ، وقد هُدِم بيتها خمس مرات ، وهي ترفض أن يواسيها أحد عما يقترفه الإحتلال وتقول بعد هدم منزلها : ( أفتخر بأنني أم الشهداء وأم الأسرى ، هم يهدمون البيت ، لكن لن يهدوا حيلي ، الحيل قوي وما بينهد ، وسأعيد بناء ما هدموه ، وقد سبق أن هُدم بيتها أربع مرات في الأعوام(1990 ، 1994 ، 2003 ، 2018 والمرة الخامسة في عام 2019 ) ولن ننسى أن نذكر أمهات الأبطال إبراهيم النابلسي ، وأشرف نعالوة وصالح البرغوثي ، وعبدالله فارس ) اللواتي حملن نعوش أبنائهُنَّ على أكتافهن مع رفاقهم ، وما هؤلاء الخنساوات الماجدات ، إلا نزرٌ يسير من قائمة تطول من بطولات نساء فلسطين ، اللواتي يقفن جنباً إلى جنب مع رجالات وأبطال فلسطين ، فهنَّ شقائق الرجال ومصانع البطولة والفداء، وتعجز الكلمات مهما نظمنا وقلنا في وصفهن ، فهن كما يحترفن الأمومة يحترفن المقاومة ، ويُربين أبناءهن على حب فلسطين ويُرضعنهم حليب الفداء والشرف والقوة والثبات ، وعندما يستشهدوا تودعهم بالزغاريد ، التي هي بلسم للجرح وشمعة تضيء قلبها معلنة أنه لا للإنكسار ، وحافزٌ لبقية الأمهات اللواتي يجهزن أبناءهن على نفس طريق التحرير ، الذي لا يُعمدُ إلا بالدم ، وهو جسر العودة ، وزغرودتها معلنة لا للإنكسار ، فانكسارنا – إنكسارٌ للوطن ، فتحية إكبار وعتزاز لكن يا أقمار فلسطين يا خنساوات هذا الوطن الحبيب يا من حملتن أبناءكن مرتين – مرة وليداً في أرحامكن وأخرى شهيداً على أكتافكن عندما ارتقوا شهداء ليزفوا إلى جنان الخُلد ، فجسدتن أعظم آيات النضال بإنشائكن جيلاً يقف في وجه الظلم ويجابه المحتل ، ويصنع من دمائه قنديلاً يضيء درب الحرية ، ومن أجسادهم الطاهرة جسور عبور نحو الجنة ، رافضين للتخاذل والذل ، ومهما حاول المنافقون وخفافيش الظلام أن يشوهوا صورتكن ، فلن يستطيعوا ذلك ، لأن نور الشمس الساطعة لا يمكن أن يغطيها أي حجاب ، فأنتن بشرفكن وطهركن مستمدٌ من نور الله
وختاماً نقول لكل المنافقين على جميع أشكالهم وأطيافهم الذين باعوا أنفسهم للإحتلال ، عودوا لرشدكم ، وهؤلاء الأعداء في لحظة ما بعد أن يسنتفذوا مهمتهم منكم سيلقونكم كما تُلقى أعقاب السجائر بعد أن تُحرق كلها وتُلقى في النفايات ، فلا تكُن يا مشعل حطباً مُشعلاً في نار السعير ، ولا تجعل جسدك نامياً في لظاها يبدل جلدك بجلدٍ آخر ليبقى العذاب مستمراً بك من أجل متاع الدنيا الزائل تبيع فيه دينك وضميرك ، واعلم أن المنافق أشد خطراً من العدو الكافر على المؤمنين، قال تعالى : في سورة النساء – الآية 56 : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا }
صخر محمد حسين العزة
عمان الأردن
3/11/2024
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق