كَيْنونَةُ الخَــلْق
فَيَــــــا رَاكِبَ الدُّنْيَــا وَأيْنَ التَّمَوْقُعُ
...... فَمَهْمَا عَلا المِنْطَــــادُ قدْرًا سَتَرْكَعُ
مَتاعٌ وَدُنْيَـــا مَسْرَحٌ مِنْ فُصُولِهِ
...... حَيَــــاةٌ وَمَوْتٌ وَالصَّــــلاحُ يُشَرَّعُ
وَنِعْمَ المُنَى أَنْ تدْرِكَ العِــزَّ زَاهِدًا
...... وَبِئْسَ الـغِنَى بِـالغيِّ يَصْلى وَيَلْذَعُ
أخُـو المَــالِ لا يَرْضَى عَليْهِ قنَاعَةً
...... فلَا العَيْشُ ميزَانٌ ولا القَلْـبُ يَشْبَعُ
بِهِ تُغْزَلُ الأمْجَـــــادُ إِنْ كُنْتَ عَالِمًا
...... وَيَنْسُجُ دُنيَــــــاكَ الخُلـــودُ وَتُرْفَعُ
وَأَعْلَــمُ أَنَّ الحُلْمَ في الخَلــقِ مِيزَةٌ
..... يُعَانِقُ قُـرْصَ الشَّمْسِ كَالبَدْرِ يَلْمَعُ
وَيَزْهُو كطاووس وَيَنْـفُخُ رِيشَـــهُ
...... وَمَــا الكِبْرُ يَوْمًا مِنْ بَهَـــاءٍ يُشَيَّعُ
لَها ضَاحِكٌ يَشْدُو اللسَانُ بِفَخْـــرِهِ
...... وَفِي نَفْسِــــهِ نَعْشٌ وَقَلــــبٌ يُفَجَّعُ
يُلاعبُ أحْـــــلامَ التفوُّقِ دُمْــيَةً
...... وَكَمْ مِنْ طُمُــــــوحٍ نَقْرُهُ لَا يُوَرَّعُ
وَيَسْوَدُّ نَهْجُ الفِعْلِ إِفْكًـا مُلازِما
... وَتَبْهَتُ شَمْسُ الصِّدْقِ وَالرُّوحُ يُخْدَعُ
وَقَدْ يَمْلِكُ الأَلْبــــابَ والنَّفْسُ لافَةٌ
...... تَفِيضُ هُلــــــوعًا وَالأَكُــــفُّ تُوَلَّعُ
كَرِيحٍ رَبَا وَانْسَلَّ مُكْتَسِحًا وَهَل
...... يُصَدُّ عَجَــــاجٌ صَرْصــــرٌ يَتَوَسَّعُ
يُرَمّمُ حِسُّ المَــالِ سَقْفَ ضُلوعِهِ
...... وَيَغْشَاهُ نَزْفٌ مِنْ حَـــــرَامٍ فَيَطْمَعُ
وَلا تَجْنِ قَطْفًــا مِنْ رِبَـــا وَكَأنَّهُ
.... نَدَى جِيَفٍ مِنْ رَشْفِـــهِ سَوْفَ تُقْطَعُ
وَكَـمْ منْ مَتاهَـاتٍ وَأخْـلاقِ كَسْبِهِ
...... هَـوَتْ فَطَغَـــا اللَّيْلُ البَهِيــــمُ يُرَبَّعُ
بِدَهْرٍ تَـأذَّى الخَلقُ منْ وَيْلِ نَقْشِهِ
...... فَأصْبَحَ ذَيْـــــلًا وَالحَيَـــــاءُ يُمَـــيَّعُ
إِذَا أفْتَنَ الوَيْلُ الأنَــــــــامَ فَإِنَّهُمْ
...... كَغَرْقى بِقَفْرٍ وَالكَـــــــرَى لا يُهَجَّعُ
وَأبـوابُ دُنْيَانَــــا مُشَرَّعــــةُ وَمَنْ
...... يُـــــــراوِدُهَــــا بِـــالخُلْدِ قدْ يَتَسَكَّعُ
وَتَبْـــدُو كَأزْهـــارٍ يَطيبُ أَريــجُهَا
...... وَفِي ظِلِّهَا شَوْكٌ مَـعَ الحُسْنِ يَلْسَعُ
وَما مَنْ عَليْهَــــا في نَعيمٍ وَنشْوَةٍ
...... وَلا كُلُّ مَنْ أَبْهَى وِسَامًــــا يُرَصَّعُ
سَلُوا نَجْمَ هَذا الكَونِ كَمْ جَالَ لامِعًا
..... وهَلْ كُـلُّ مَـنْ حَطَّ العَمامَـــــةَ يُتْبَعُ
وَتَسْري حَيَاةُ الجَاهِ وَالعُمْرُ مَوْجَةٌ
...... تُسَــــاقُ إِلى شَطِّ الفَنَــاءِ فَتُخْضَعُ
وَأيْنَ السَّلاطِيـــنُ المُضِيئَةُ أوْجُهَا
..... فَقَدْ أفِلتْ تَحْتَ الثَّرَى كَيْفَ تسْطَعُ
وَهَـــا أرْدُمٌ تَبْكي حُصُونًـا وَأنْفُسًا
...... وَمَــا مِنْ حَيَـــــاةٍ لا تَزُولُ وَتَقْبَعُ
خُلودُكَ فِي عَرْشِ الصَّفَاءِ رِحَابُهُ
...... إِذَا مَسَحَتْ يُمْنَــاكَ دَمْعًـــا يُشَمَّعُ
ألا يَـا مَلاكَ الدَّمْعِ فَاسْقِ عِجَافَها
..... فَقبْلَ الرَّدَى وَالقَطفِ فَالعَيْنُ تَدْمَعُ
بَكَتْ حُرْقَةً رُوحِي عَلى كُنْهِهَا وما
....... يُسَطَّرُ لَا يُمْـحَى ومَـــــا يَتَصَدَّعُ
يَدُورُ مَعَ الأيَّـــامِ وَالعُمْرُ غَافِلٌ
...... وَتُضْحِكهُ الْأَوْهَـــامُ زَهْوًا فَيُصْفَعُ
وَكَــمْ مَرَّة زُرْتُ المَقَــابِرَ عَنْوَةً
..... وَلَا فرْقَ فِي عَيْنِ التُّرابِ تُمَوْضَعُ
خُلِقْنَـــا لِهَذَا الدَّوْرِ وَاللَّهْوُ لَازِمٌ
.... وَنُوحِي عَلَى مَنْ تَاهَ وَانْساقَ يَرْتَعُ
وَسَيْرورَةُ المَوْجُودِ مَا زاغَ نَجْمُها
...... وَكُلٌّ بِأَمْــرِ اللَّـــهِ وَالأَمْـــرُ يُطْبَعُ
وَمَنْ ذَا يَعيشُ الدَّهْرَ عَالِــمَ غَيْبِهِ
...... وَيَدْرِي مَتَى يَفْنَى وَأيْــــنَ يُوَدَّعُ
وَعِشْ مَا شَهقْتَ الرِّيحَ زَهْوَ كرامَةٍ
...... وَلَا تَبْكِ دَمْعَ الخَزْيِ فَالذُلُّ أبْشَعُ
وَلا تَطْوِ أَدْرَاجَ الحَيَاةِ كَمــا أرَى
.... وَيَسِّرْ ذِرَاعَ الحَلْقِ فَالضَّنْكُ يُدْقِعُ
وَما العُمْرُ فِي قَدْرِ السّنِين وَإِنَّمَا
...... بِنَـــــاءٌ وَإيمَــانٌ وَحُبٌّ وَمَرْجِع
د. محمد خالد الأمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق