عِطْرُ الرُّوح
أَيُّ عِطْرٍ ذَاكَ الْعِطْرُ!؟
آهْ، مَا أَطْيَبَهُ، فَوَّاحٌ، رَاقٍ عَبِيرُه!
كُلُّ الزُّهُورِ تَغَارُ مِنْ أَرِيجِه.
أَهُوَ الْعِطْرُ أَمْ عِطْرُ حَيَاتِي؟
ذَاكَ الْفَرِيدُ الْفَوَّاحُ بَعْدَ صَلَاتِي.
نَسَائِمُهُ بَلْسَمٌ لِجُرُوحِي!
تُبْهِرُنِي، تَسْكُنُ رُوحِي،
تَسْحَرُنِي، تَرْفَعُ أَعْمَاقِي
تَأَمُّلًا فِي آيَاتِ الْجَلَالْ،
إِدْرَاكًا لِلْعِشْقِ وَالْجَمَالْ،
فَهْمًا كُنْهَ الْوُجُودِ وَالْكَمَالْ.
يَحْتَوِينِي عِطْرِي،
يَلُفُّنِي بَحْثًا فِي الْمَآلِ.
عَوَالِمُهُ تُبْهِرُنِي،
تَرْحَلُ بِي فِي كُلِّ لَحْظٍ،
فِي الُفَجْرِ وَقَبْلَ الظُّهْرِ،
فِي كُلِّ حِينٍ وَبَعْدَ الُعَصْرِ.
تُبْهِجُنِي وَتُغْرِينِي،
كُلَّ صَبَاحٍ وَمَسَاءْ،
وَكَمَا يَشَاءْ.
بِأَرِيجِهِ أَتَذَكَّرُ مَاضِيَ وَحَاضِرِي،
أَمَاسِيَ، مُرَبَّعَاتِي وَدَوَائِرِي،
كُلَّ أَوْقَاتِي وَذِكْرَيَاتِي.
كَمْ يَتَفَجَّرُ عِطْرِي بِدَوَاخِلِي،
فَيُدَاعِبُ وِجْدَانِي وَيُحَلِّقُ بِخَيَالِي!
لَمْ يَغِبْ وُجُودُهُ عَنْ أَيَّامِي،
أَعْشَقُهُ وَأَهْوَاهُ كَثِيرًا،
فِي صَحْوِي وَمَنَامِي،
هُوَ رَفِيقِي فِي أَحْلَامِي،
يَعْزِفُ دَوْمًا عَلَى أَوْتَارِ رُوحِي،
فَيُنْسِينِي بِأَرِيجِهِ الزَّكِيِّ جُرُوحِي.
نَفَحَاتُهُ مِنْ جِنَانِ الْخُلُودِ،
زَكِيَّةٌ سَاحِرَةٌ تَرْفَعُنِي،
تُحَوِّلُنِي مَلَاكًا فِي الْوُجُودِ،
شَيْخًا خَاشِعًا فِي هَيْكَلِ التَّبْرِيزِي،
مُرِيدًا فِي مَعْبَدِ السِّرِّ وَقِبْلَةِ الْعَزِيزِ.
زينب ندجار
المغرب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق