بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الأمين و علىٰ آله و صحبه أجمعين.
"حين تختلط النوايا و تغيب الحدود"
لقد جاء الدين الإسلامي ليهذّب النفوس و يرتقي بالأخلاق، فكان منهجه واضحًا في احترام الآخر، و حُسن المعاملة، و صون الكلمة و النظر و الفعل. و ما من أمرٍ نهى عنه الإسلام إلا و فيه حماية للكرامة الإنسانية، رجلاً كان أو امرأة.
فالتطاول، و سوء الظن، و الخوض في الأعراض، و التعامل مع الناس بنوايا خفية، كلها من الأمور التي حذر منها الشرع، و اعتبرها من كبائر القلوب قبل أن تكون أفعالًا ظاهرة.
و المرأة في الإسلام لها مقام رفيع، كرّمها الله أماً و بنتاً و أختاً و زوجة، و جعل احترامها من تمام الدين، و صون كرامتها من شُعب الإيمان. فكيف يُباح اليوم أن تُعامل في فضاءات التواصل كمجرد صورة أو وسيلة، دون أدنى مراعاة لخصوصيتها أو مقامها؟
إن ما نراه اليوم من تجاوزات في الخفاء، و تعدٍّ على الحدود تحت عباءة "الودّ الثقافي" أو "اللقاء الأدبي"، لا يمت للدين و لا للأدب بصلة. بل هو خلل في الفهم، و انحراف في النية، و سقوط في ميزان الأخلاق.
و في هذا العالمٍ الافتراضيٍّ 🖥️ باتت فيه الأرواح تتلاقى قبل الأسماء، و الكلمات تسكن القلوب قبل أن تُقرأ، تُشرق نوافذ التواصل كجسرٍ للمعرفة و المحبة و تبادل الفكر النبيل. لكنه، ككل شيء في هذا العالم، ليس نقيًّا تمامًا.
تُطل بعض النفوس بأقنعةٍ لا تشبه جوهرها، تتسلل في الظلال، لا طلبًا للعلم أو الأدب، بل لأغراض تخدش الذوق و تجرح الكرامة. يختلط فيها الخطاب بالمواربة، و يُستبدل الاحترام بالتجاوز، حتى تغدو الكلمة سلاحًا، و الرسالة طعنة.
تُهاجم الطيبة كما لو كانت ضعفًا، و يُفسّر الاحترام على أنه دعوة للتجاوز. و عندما تقف المرأة بثبات، تضع حدودها و تدافع عن ذاتها، تنقلب بعض الأقلام إلى سهام، تمطرها شتائم و قذفًا و تجريحًا لا لذنب سوى أنها أرادت أن تبقى كما هي: نقيّة، محترمة، وفيّة لقلمها.
في هذا العالم الرقمي، لا يُراعى عُمر المرأة و لا مكانتها، و كأنها بضاعة معروضة للنظر لا إنسانة لها عقل و قلب و تجربة. لا فرق عندهم إن كانت في مقتبل العمر أو في خريفه؛ فالتجاوز واحد، و الاستهانة واحدة، و العبث واحد.
أي جهلٍ هذا الذي لا يفرّق بين امرأة ناضجة قدّرتها السنين، و أخرى تشق طريقها في الحياة؟ أي عقلٍ يستهين بمقام امرأة فقط لأنها أنثى؟ إن احترام المرأة لا يرتبط بجمالها و لا عمرها، بل بوعي من يخاطبها. و من لم يدرك هذه الحقيقة، فهو بعيد عن كل ما يمتّ للثقافة و الأدب بصلة.
فالثقافة ليست جسرًا يُبنى على النوايا السيئة، و لا الأدب بوابةً للعبث بالمشاعر أو اقتحام المساحات الخاصة. الكاتب الحقّ، و المثقف النبيل، لا يطرق الأبواب خلسة، و لا يتخفى خلف الكلمات، بل يمرّ كنسيم الفجر، طاهرًا، نقيًّا، شفيف الروح.
إننا بحاجة لإعادة تعريف "الأدب" في هذا العصر الرقمي. فليس كل من أمسك قلمًا صار أديبًا، و ليس كل من كتب بيت شعر صار شاعرًا. فالأدب ليس زخرف الكلام، بل سلوكٌ و فكرٌ و قيمة.
إلى أولئك الذين يسيئون فهم مساحات التواصل: اعلموا أن الاحترام ليس ضعفًا، و أن الكلمة الطيبة لا تعني الرضا بكل شيء.
*** خلف كل حساب تُديره امرأة مثقفة، قلب ينبض، و كبرياء لا يُشترى، و كرامة لا تُساوم.***
و لتكن رسالتنا –نحن أهل الحرف– أن نجعل من منصاتنا واحات للأمان، و مساحات للوعي، لا ساحات للصيد في الماء العكر. دعونا نُعيد للقلم🖊️ قدسيته🖋️، و للأدب روحه، و للتواصل الإنساني معناه الحقيقي.
و أما أنا، فأكتب هذه السطور لا شكاية و لا ضعفًا، بل لأقول: كفى. كفى للعبث بمساحاتنا الفكرية، كفى للتسلل خلف ستار الأدب، كفانا من جهلٍ يتخبّأ وراء عباءة الثقافة. الكلمة مسؤوليّة، و الأدب أمانة، و من لا يصونهما، لا يستحق أن يُحاورنا و لا أن يمرّ بنا.
بقلم ✍🏻:
وفاء عبد الوهاب الزعيمي
المملكة المغربية
من القلب🫀 … إلى كل قلبٍ💙 يعرف قيمة الكلمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق