* ٱلْإِنسَانُ الكَامِلُ النُّورَانِيُّ
نُبُوءَةُ ٱلْإِنسَانِ
۞ التَّقْدِمَةُ ۞
الحقِيقةُ أنَّني لا أطمحُ إلى عالَمٍ نُورانِيٍّ مُعلَّقٍ في سَدِيمِ الخيَالِ على مَرايَا الأَخِيلَةِ نَسَجَتْهُ عُقُولُنا وأَنْفُسُنا وجَوارِحُنا رائِعًا وسِحرِيًّا وَرَاءَ هَذَا العالَمِ الَّذِي نَسْكُنُهُ، بِحَيْثُ اِبْتَدَعَ فِيهِ الخَيَالُ اللامُمْكِنَ المُسْتَحِيلَ، نَعَمْ لا أَرتَجِي عالَمًا صَنَعَتْهُ المُخَيِّلَةُ بِنَسِيجِ مِنْ خَالِبِ السِّحرِ ورَوعَةِ الفُتُون مُنْفَصِلًا عَنْ حَقِيقَةِ وَاقِعِنَا ولَا تَصِلُهُ الوَاعِيَةُ إِلَّا عَبْرَ أَجْنِحَةِ مُخيِّلَةِ الأمَانِي السَّابِحَة وَرَاءَ أحلَامِ المُسْتَحِيلِ، بَلْ إِنَّنِي أَطْمَحُ إِلَىٰ عَالَمٍ نُورَانِيٍّ يُسْدِلُ بِظِلَالِهِ عَلَى هَذَا العَالَمِ الَّذِي نَحْيَا فِيهِ بِحَيْثُ يَتَغَلْغَلُ فِي أَعمَاقِهِ لِيَنْشُرَ فِيهِ أَنْوَارَ الضِّيَاءِ الشَّارِقةُ مِنْ صِدقِ اليَقِين.
أُرِيدُ عَالَمًا يَتَسَرَّبُ إِلَى حَيَاتِنَا كَمَا يَنْتَشِرُ النَّسِيمُ عَلِيلًا إِلَى الصُّدُورِ الَّتِي أَتْعَبَتْهَا عَوَاصِفُ الغُبَارِ العاصِفَة فِي ظُلُمَاتِ المَظْنُونِ، وكَمَا تَهْبِطُ قَطَرَاتُ النَّدَىٰ عَلَىٰ أَكْمَامِ الوَردِ والمَطَرُ عَلَىٰ الحُقُولِ العَطْشَىٰ، فَيُصبِحُ الرَّقِيُّ رَفِيقَ المُمكِنِ مُتَلَازِمَيْنِ لَا يَفْتَرِقَانِ، عَالَمًا يُحَوِّلُ المُمْكِنَ إِلَى لَوحَةٍ مُبْدِعَةٍ لَا تَكْتَفِي بِالجَمِيلِ بَلْ تَسْعَىٰ نَحوَ الأَجْمَلِ، عَالَمًا تَغْدُو الحَيَاةُ فِيهِ مَاءً زُلَالًا سَلْسَبِيلًا يَتَدَفَّقُ بَيْنَ يَدَيْ عَرَاءِ الوَاقِعِ دُونَ أَيِّ تَعْكِيرٍ أَوْ تَسْمِيمٍ، عَالَمًا يَتَدَفَّقُ ضِيَاءً فِي عَلْيَاءِ الذَّاتِ ويَتَأَلَّقُ فِي كُلِّ أَرجَاءِ الفَضَاءِ، جَلِيًّا وَاضِحًا كَحَقِّ اليَقِينِ.
ذَلِكَ هُوَ العَالَمُ الَّذِي أَرنُو إِلَيْهِ، عَالَمٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا الصِّدْقَ عَلَىٰ الوُجُودِ، عَالَمٌ يَحتَضِنُ الوُجُودَ بِإِخْلَاصٍ لِيُنِيرَ مَسَالِكَهُ حَتَّى يُصْبِحَ النُّورُ فِيهِ وَاقِعًا أَكِيدًا.
نَعَمْ يَا أَخِي الإِنْسَانَ، عَلَيْنَا أَنْ نَطْمَحَ إِلَىٰ العالَمِ الأسنَىٰ عَالَمِ الإِنْسَانِ الأسْمَىٰ، إِلىٰ عَالَمٍ يُعْطِينَا دَائِمًا الأَفْضَلَ والأَرقَىٰ ضِمْنَ المُمْكِنِ عَلَىٰ سُلَّمِ الٱرتِقاءِ ٱلْإِنْسِيِّ، إِلَىٰ أَنْ يَصِيرَ وَاقِعَ حَيَاةٍ نَحيَاهُ بَيْنَ أَيْدِينَا قَد عَذُبَ وصَفَا وأَشْرَقَ مُتَدَفِّقًا عِيَانًا كَمَا المَاءُ العَذْبُ السَّلْسَبِيلُ وكَما الضِّيَاءُ عَلَىٰ بِسَاطِ الأرضِ ولِقُبَّةِ السَّمَاءِ.
من كتاب ٱلْإِنْسَانُ الكَامِلُ النُّورَانِيُّ لمؤلفه :
المهندس أبو أكبر فتحي الخريشا
( آدم )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق