💙 ثمن الخيانة 💙
***************
ذهب كعادته في الصباح الباكر يريد عملاً شريفاً له ولأسرته الصغيرة التي تتكون من زوجته وأطفاله الصغار إنه خالد رب الأسرة الذي حمل علي أكتافه مسئولية هذه الأسرة التي تمثل كل شئ في الدنيا بالنسبة لخالد والتي من أجلها يسعي جاهداً ليلاً ونهاراً ليوفرَ لنفسه ولأسرته الصغيرة حياةً كريمة
قالت له زوجته إيمان :- توكل علي الله وإعلم يقيناً أن الله تعالي سيعينك ويوفقك مادمت تسعي إلي العمل الشريف وتطلب الرزق الحلال من الله تعالي ذهب خالد في اليوم الأول بعد فترة إنقطاع عن العمل وبعد نفاد كل ما في بيته من مال أنفقه علي أسرته الصغيرة
ذهب يبحث عن عمل لعل الله أن يفرج كربه ويكشف هذه الغمة التي مرَ بها وهو يجلس في بيته بين أولاده من غير عمل لا لتكاسله عن العمل ولكنه خرج كثيراً باحثاً عن العمل إلا أنه لم يجد عملاً يستطيع من خلاله أن يفي بمتطلبات أسرته الصغيرة ولسوء حظه لم يجد عملاً في هذه المرة فعاد إلي بيته منكسر النفس حزيناً لا يدري ماذا سيقول لزوجته ولأولاده الذين ينتظرون دخوله عليهم بالبشري أنه بعد هذا العناء قد وجد عملاً وما إن دخل الي بيته حتي وجد زوجته إيمان تنظر إليه وتبادره بقولها هل وجدت عملاً مناسباً ياخالد فأجابها قائلاً لا
ولكني سأنطلق غداً في الصباح الباكر بحثاً عن فرصة عمل مناسبة ويصلي خالد صلاة العشاء ويلقي بجسده المتعب علي الفراش طالباً الراحة من عناء هذا اليوم وإذ بأولاده خارج غرفته يتجاذبون أطراف الحديث ويقولون كيف الحال إذا لم يجد أبانا عملاً كيف سنعيش ومن أين نأكل وكيف.. وكيف.. وكيف؟؟
ويصل إليه صوت زوجته إيمان وهي تقول لأولادها لا تتحدثوا أمام أبيكم بهذا الكلام حتي لا يشعر بالعجز ولكن سلوا الله تعالي أن يوفقه غداً في أن يجد فرصة عمل مناسبة وفي صباح اليوم التالي ينطلق خالد للبحث عن فرصة عمل مناسبة فيلتقي في طريقه بصديقه أحمد
فيتبادلا التحية ويبادره أحمد بقوله كيف حالك ياصديقي فيجيبَ خالد قائلاً أحمد الله علي كل حال فأنا بخير ولله الحمد والمنة ولكنني في هذه الايام أُعاني كثيراً لندرة فرص العمل إلي حد أنني اصبحت أشك في نفسي وانني اصبحت لا أصلح للعمل فالجميع يدورون ظهورهم لي وكأنني أبحث عن شيئ غريب حتي من أعرفهم أدارور وجوههم عني حتي ضاق بي الحال ولم أعد أجد ما أنفقه علي زوجتي وأولادي
قال له صديقه أحمد لا تجذع ياصديقي فلا يزال الخير موجوداً بين الناس تعالي معي إنطلق خالد وأحمد معاً حتي وصلا الي المكتبة
فقال احمد : - وهو يشير إلي المكتبة ياخالد هذه المكتبة ورثتها عن ابي وسوف تعمل بيها من اليوم فإنفرجت أسارير خالد وحمد الله تعالي وقال لصديقه أحمد لا أجد من الكلمات ما أستطيع أن اعبر به عن شكري لك
فقال له صديقه احمد لا عليك ياصديقي كل ما أريده منك أن تجتهد في عملك وأسال الله تعالي التوفيق لي ولك ثم قامَ أحمد بتسليم المكتبة لصديقه خالد ويبدأ خالد في ترتيب أرفف المكتبة وتنظيف الألواح الزجاجية الموجودة بها ووضع لافتات خارج المكتبة موضحاً فيها أسعار الكتب والادوات المدرسية التي تحتويها المكتبة و لكن الحظ لم يبتسم لخالد الا أياماً قليلة فقط إستلم عمله في المكتبة وقد أوشكت أيام الدراسة علي الإنتهاء وما إن إنقضت الايام الاخيرة في الدراسة حتي أغلقت المدرسة أبوابها وكان وجود المكتبة بالقرب من هذه المدرسة سبباً في رواج حركة البيع في المكتبة وبعد أيام قليلة قل عدد المترددين عن المكتبة وإنخفضت الإيرادات حتي انها لم تعد تكفي راتباً لخالد فأعتذر خالد لصديقة اثأحمد عن مواصلة العمل في المكتبة حتي لا يحمله أعباء راتبه وإنطلق من جديد للبحث عن فرصة عمل وقد أصابه اليأس والإحباط بمرارة في حلقه يدخل خالد الي بيته حزيناً ويخبر زوجته انه ترك العمل في المكتبة حياءاً من صديقه أحمد لأن إيرادات المكتبة لم تعد تفي براتبه وسوف يبحث عن عمل جديد يناسبه
فقالت له زوجته ايمان : - لا تيأس من رحمة الله ياخالد ولا تعجلن في الرزق ..فليس الرزق بالعجل.. الرزق في اللوحِ.. مكتوب مع الأجل
وفي الصباح إنطلق خالد للبحث عن فرصة عمل مناسبة حتي قاربت الشمس علي المغيب فدخل إلي إحدي المساجد ليصلي صلاة المغرب وقد أصابه الإعياء والتعب من كثرة المشي،في شوارع المدينة وهو يبحث عن عملاً مناسباً له وبعد إن إنقضت الصلاة يقوم خالد يصلي ركعتي السنة وأثناء سجوده ينفجر خالداً باكياً بين يدي ربه ويطيل في الدعاء ويلح علي ربه في السؤال حتي سمعه إمام المسجد وهو يبكي في صلاته فلما فرغ خالد من الصلاة توجه إليه الإمام قائلاً ماذا بك ياأخي فأجاب خالد قائلاً ضاقت الدنيا في وجهي حتي إنني لا أجد عملاً مناسباً وأصبحت فقيراً لا أملك قوت يومي وعندي زوجة وأولاد لا أستطيع الإنفاق عليهم فقال له الإمام "ان الله هو الرازق ذو القوة المتين"
إنطلق معي ياأخي فسوف اذهب بك الآن الي رجل صالح من أهل الخير وأسأل الله تعالي ان نجد عنده عملاً مناسباً لك وينطلق خالد مع إمام المسجد الي إحدي البنايات الضخمة والتي يسكن في إحدي طوابقها رجل الأعمال الصالح إمام بيك
ويدخل عليه إمام المسجد ومن خلفه خالد الذي إزدحمت الأفكار في رأسه وهو ينظر الي مقر الشركة الضخم الفاخر ويتجول بعينيه في اركان المكان وهو يقول لنفسه محال محال أن أعمل في مثل هذا المكان في يوم من الأيام يبدو أنني أحلم بالعمل في مثل هذا المكان ولكنه حلم بعيد المنال
ويواصل خالد الحديث مع نفسه ويقول كيف التصرف إن لم أوفق للعمل في هذا المكان ليس لي الا الشارع لأتسول لقمة العيش وقد أنخرط مع رفقاء السوء الذي لا عمل لهم سوي السرقة فيكون مصيري السجن وضياع عائلتي وينتزع خالد من بين أفكاره وحديثه مع نفسه صوت السكرتير الخاص لرجل الاعمال وهو يقول لإمام المسجد تفضل يا فضيلة الشيخ إمام بيك في إنتظارك ويدخل خالد مع فضيلة الشيخ إلي غرفة المكتب الخاصة بإمام بيك
ويتبادلا معه التحية ويدخل فضيلة الشيخ في الموضوع مباشرة ويقول إمام بيك
نأمل أن نجد عند سيادتك عملاً مناسباً لإبننا خالد بعدما تقطعت به السبل ولم ينجح في الحصول علي عمل مناسب له طيلة الأيام الماضية وينظر إمام بيك إلي خالد متفحصاً إياه وهو يقول له ماذا تجيد من العمل ياخالد فيجيب خالد قائلاً أجيد العمل في الحسابات فقال إمام بيك
علي بركة الله ستتولي عندي العمل في الحسابات وسوف يكون لك مهمة أخري عندي فقال خالد متسائلاً وما هيا
قال إمام بيك : - سوف تتولي إدارة الشركة أثناء غيابي لأنني مسافر الي احدي الدول الأوروبية لعقد بعض الصفقات الخاصة بالشركة وقل ما أريده منك الإجتهاد في العمل والأمانة وسوف أضع كل شئ تحت تصرفك أثناء غيابي وسوف يعاونك في إدارة اعمال الشركة زملاء لك في العمل عندي وهم من ذوي الخبرة فقال خالد إن شاء الله أكون عند حسن ظنك وينصرف فضيلة الشيخ من مكتب إمام بيك مودعاً إياه ويبقي خالد في الشركة ليتسلم عمله الجديد وبعد يومين يسافر إمام بيك الي إحدي الدول الأوروبية بعد الإطمئنان علي سير العمل في شركته
ويواصل خالد عمله في الشركة ويقوم بعقد عدد من الصفقات المربحة للشركة وتنشط حركة البيع بالنسبة إلي منتجات الشركة وتزداد الأموال المتدفقة علي الشركة بسبب الصفقات التي عقدها خالد وذات يوم يتوجه خالد الي إحدي البنوك لإيداع مبلغ مالي كبير في حساب
إمام بيك ولكن نفسه سولت له بأخذ جزء من هذا المال لينفقه علي نفسه وأولاده ويمتثل خالد لصوت نفسه الأمارة بالسوء ويأخذ قدراً كبيراً من المال ويشتري سيارة لنفسه ويقوم بتأجير إحدي الشقق الفاخرة ليقضي فيها الليل مع بعض أصدقائه الذين لا هم لهم سوي لعب القمار وشرب الخمور وينسي خالد عائلته الصغيرة فأصبح لا يتردد علي بيته الا ساعة من النهار وأصبح لا يقدم لهم مايريدون من المال للإنفاق علي مدارسهم وزدادت الخلافات بين زوجته بسبب الإهمال في شؤون بيته فما كان من خالد الا أنه قام بتطليق زوجته ثم قام بالإنصراف من البيت ليقضي ليلته في شقته المأجرة ولم يمضي غير قليل من الوقت وإذ بخالد يتمادي في أخذ اموال لا يستحقها من الشركة ينفقها علي نفسه وملذاته وتزداد الخلافات بينه وبين موظفي الشركة بسبب تعديه علي أموال إمام بيك في غيابه حتي اصبح لايذهب الي الشركة الا اياماً قليلة وإنشغل بنفسه عن العمل في الشركة حتي وقع في شِباك إحدي الفتيات الساقطات والتي كان ينفق عليها قدراً كبيراً من المال حتي أقنعها بالزاوج منه ظنن منه أنه بذالك يقوم ببناء اسرة جديدة لنفسه وما هي الا ايام حتي فوجئ خالد بوصول إمام بيك من السفر وقد ارسل إليه طالباً منه الحضور علي، وجه السرعة ويذهب خالد إلي مقر الشركة ويلتقي إمام بيك وقبل أن يتكلم خالد بكلمة قال له إمام بيك آهذه هي الامانة التي تركتها في عنقك ياخالد تسرق اموالي لتنفقها علي ملذاتك وتهمل في عملك ولا تأتي لمباشرة أعمال الشركة ياخالد ليس لك مكان في هذه الشركة وسوف أقوم بإبلاغ الشرطة لتحقيق معك بشأن الأموال التي قمت بسرقتها ويخرج خالد من الشركة مطأطي الرأس ويسير في طريقه حتي وصل الي بيت زوجته الثانية وأخبربها بما دار بينه وبين إمام بيك وأنه غداً سيكون امام جهات التحقيق بشأن الأموال التي سرقها من الشركة وفي لحظة واحدة سقطت كل الأقنعة وإذا بزوجته تقول له واجه مصيرك وحدك أما انا سوف أغادر هذا البيت فوراً قبل أن تداهمه قوات الشرطة ويخرج خالد الي الشارع وقد ثقلت أقدامه وسودت الدنيا في وجهه حتي وجد نفسه أمام بيت زوجته إيمان ويطرق الباب وتفتح له زوجته إيمان وتنظر في وجهه وإلي الدموع التي تنهمر من عينيه وهو يقوله لها هل اجد لنفسي مكاناً يينكم أريد ان اري اولادي لألقي عليهم النظرة الاخيرة فربما لا اراهم بعد اليوم فقالت زوجته متسائلة ماذا وراءك ياخالد تركتنا في الهموم والمتاعب وعدت لنا محملاً بالهموم والمتاعب فأخبرها خالد ما دار معه في الشركة وأنه غداً سَيمثُل أمام جهات التحقيق بشأن الأموال التي سرقها من شركة إمام بيك
فقالت زوجته ليس عندي من المال شئ أعينك به علي سداد ما أخذته من اموال الشركة فقال خالد اعلم ذلك علم اليقين إنما جئت لأودعكم وينصرف خالد باكياً
وفي الصباح يَمثُل امام جهة التحقيق ويدلي بأقواله معترفاً بكل الأموال التي إمتدت إليها يده وتأمر جهة التحقيق بحبس خالد لحين عرضه علي المحكمة وبعد ايام يقف خالد في قفص الإتهام ويصدر الحكم بحبسه ثلاث سنوات وتنهمر الدموع من عينيه وهو يسمع صوت القاضي يصدر الحكم بحبسه وقبل أن ينصرف خالد إلي محبسه يجد أمامه إمام المسجد وهو يقول له ياخالد فرطت في الزرع يوم البذرِ من سفهٍ فكيف عند حصاد الناسِ تدركه
ياخالد فتحت لك الدنيا ذراعيها ولكنك نظرت إلي ما ليس لك وإستحللت اموال إمام بيك لنفسك وبدون وجه حق ماذا جنيت من وراء طمعك ياخالد الإ الحسرة والندامة ويبكي خالد قائلاً من لأولادي يا فضيلة الشيخ فقال إمام المسجد أولادك في رعايتي حتي تنتهي فترة عقوبتك وأسأل الله تعالي ان تخرج من هذا المكان تائباً لله تعالي وينطلق خالد إلي محبسه وينصرف إمام المسجد وهو يقول في نفسه ماذا لو كنت إتقيت الله بعملك ياخالد ويردد قوله تعالي " ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب" .
💥قصة قصيرة بقلم : عمر حمدي أبو عطاي💥
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق