الأربعاء، 19 مايو 2021

قصة & لحظات حرجه & بقلم الكاتب : عبده داود

 قصة قصيرة

لحظات حرجة

أيار 2021

جليسة الأطفال اعتذرت عن الحضور لتجالس مارينا ذات الخمس سنوات لأن أهلها فاتهم أن يخبروا الجليسة بان الروضة ستعطل بذلك اليوم...

قالت الجليسة: أنا جداً آسفة لأنني اليوم بالذات ملتزمة مع عائلة ارتبطت معهم لأجالس أطفالهم وهم ذهبوا في رحلة إلى الشمال...

 أرتبك أهل مارينا، كيف سيتدبرون أمر ابنتهم، الأب موظف أمين صندوق في أحد المصارف لا يستطيع أن يغيب... الأم ايضاً موظفة في إحدى الشركات وقد استنفذت جميع اجازاتها السنوية. وغيابها سوف يكون مؤشر أحمر عليها...عطلت وقالت: ما باليد حيلة، فليكن ما يكون.

 ذاك النهار كان مشمساً  ويبدو دافئاً، فاغتنمت الأم   الفرصة، وأخذت ابنتها حتى تنزهها في احدى الحدائق القريبة، فعلاً كان  الجو دافئاً جميلاً، وأريج الورود تبهج الروح، والوان الزهور رسمها الخالق بريشة مبدع الحياة، وصانع الجمال... مارينا كانت تلعب مع الأطفال في الألعاب الموزعة في الحديقة، وكم  كانت تفرحها تلك الألعاب...

جاءت نسمات باردة،  وأخذت الغيوم تتكاثر، وأحست الأم بان السماء ستمطر، وقررت العودة إلى المنزل، لكنها تذكرت بأنها بحاجة إلى ثوب جديد ترتديه في مناسبة لاحقة. فقررت الذهاب إلى متجر ألبسة ضخم في المدينة. استقلت هي وابنتها المترو وذهبتا... 

الأم كانت تمسك بيد ابنتها بإحكام، وهي تدور في ذلك المتجر الكبير وهي تعاين الألبسة المعروضة، وأخيراً أعجبها ثوب، وأرادت أن تقيسه في الغرف المخصصة لذلك... 

دخلت هي وابنتها...وخلعت ثوبها الذي ترتديه، وارتدت الثوب الجديد وأخذت تعاين الرداء بالمرآة لمحت باب الغرفة مفتوحاً ومارينا ليست بالغرفة شهقت... وخرجت ملهوفة تبحث عن ابنتها...

عجز الجميع في جميع أقسام المتجر أن يجدوا مارينا. قال أحدهم: أنا لمحت طفلة تلبس رداء أحمر خرجت من المتجر كانت تلحق بقطة...الأم   قالت: ابنتي تعرفها تحب القطط ...

أخذت الأم تركض في الشارع، وتنظر في كل الاتجاهات وهي تصرخ مارينا، مارينا... 

لم يكترث أحد من المارة بالمرأة ظننا منهم بانها مجنونة او ما شابه... 

كان شعر المرأة منفوشاً، كما لو إنه لم يعرف المشط يوماً...ايضاً لباسها غريباً. مفتوح على صدرها، وبطاقة مواصفات الثوب الجديد لا تزال متدلية على ظهرها. وصلت مفترق طرق. كان شرطي هناك، يعمل على تنظيم السير. اسرعت اليه وكأنها وجدت قشة تتمسك بها  ينقذها من المصيبة الحاصلة...

سألت الشرطي، هل رأيت طفلة عمرها خمس سنوات ترتدي ثوباً احمر؟ هي ابنتي قد فقدتها. 

 سألها الشرطي أين ومتى فقدتيها يا سيدتي؟ 

منذ ساعتين تقريبا، كانت معي في ذاك المحل الكبير لبيع الملابس، دخلت معي إلى غرفة القياس. من أجل أن أقيس هذا الثوب الذي ارتديه.  وبدون أن اشعر هي فتحت باب الغرفة وخرجت، ولم نجد البنت في أي مكان ... فتشنا كل زاوية، وحتى بين الثياب المعلقة لكن دون جدوى. أحد الرجال قال بانه شاهد فتاة صغيرة خرجت من باب المخزن... 

قال الشرطي الصبر يا سيدتي، كثيرا ما تحدث في المدن قصصا مشابهة، وغالبا ما يجدون الأطفال ويعيدونهم إلى أهاليهم...

هذه الأغلاط تحدث بسبب غياب نظرنا لحظات عن أولادنا...تلك اللحظات قد تكون كارثية...

اتصل الشرطي بالجهات المختصة، وقال للسيدة: 

أنصحك بالصلاة واطلبي من سكان السماء أن يساعدوك، وهم يساعدوننا كثيرا في الأمور الصعبة   ولابد ستجدين ابنتك...  

دخلت أم مارينا أول كنيسة صادفتها، ركعت أمام تمثال العذراء واجهشت بالبكاء ولم تطلب من العذراء شيئاً. لأنها تعرف بأن أهل السماء يدركون احتياجاتنا ولا حاجة أن نسألهم شيئاً. 

كانت حيرى هل تخبر زوجها بإنها فقدت مارينا، وماذا تقول له؟ ربما يصاب بالجلطة وهو أساساً مريض قلب.

خرجت الأم من الكنيسة وقررت السير في الشوارع علها تصادف ابنتها في مكان ما...

كانت تسير تائهة في كل الاتجاهات التي تصادفها في المدينة الكبيرة روما، وكانت عيناها مغرقتان بالدموع وهي تتأمل كل الأولاد الذين تراهم...

قارب المساء أن يصل...أنهكها التعب، وجدت مقعداً حجرياً جلست عليه، واستمرت تصلي لجميع سكان السماء، أن يرشدوها لتجد ابنتها... رن موبايلها برقم الشرطة، قالوا تعالي سيدتي وجدنا ابنتك...

وصل الزوج إلى البيت ولم يجد أحدا استغرب الأمر، هاتف زوجته عبر الموبايل...

خشية الزوجة أن تقول الحقيقة: فقالت نصف الحقيقة  نحن نشتري ثياباً.. 

كاتب القصة: عبده داود


ر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

♕ إنني الأولُ ♕ بقلم الشاعر : محمد عبد الجليل العزاني

 إنني الأولُ الـــذي مَــــا تجَـــلَّـى  في مكــانٍ إلا استضاءَ ..ورامَـــا خُــذ بنَـــانِي: قُـلْتُ إني وقيــــداً للمجــــازات غيـر أنَّ...