الديوث
رآها حينما صعدت إلى السيارة مع ذاك الشاب وهي تلتف يمينا ويسارا ، نادى عليها لم تسمعه، فلحق بها في سيارة أجرة، وصلا إلى بناية لها طابقين نزلا ودخلا إلى البيت الذي في الطابق الأرضي واغلقا الباب، نزل من سيارة الأجرة ثم سأل حارس البناية: أرأيت شاب وفتاة دخلا هنا؟ قال له:نعم، لم يكمل كلامه حتى سمعا صوت الفتاة تستنجد أنقذوني.
طرق الباب بشدة وقال افتحوا وإلا كسرته، لم يرد أحد، كسر الباب بمساعدة الحارس فوجداه يمسكها بكل قوة ويحاول أن يقفل فمها بيده لكي لا تصرخ ثانية وهو يضحك في هستريا وكأنه في حالة سكر أو أنه تناول حبوب هلوسة ، أمسكه وانهال عليه ضربا بكل قوته لأن خارت قوى الشاب و أغمي عليه.
قال للحارس أطلب سيارة أجرة وأحمل معي هذا الشقي ليلاقي جزاءه ثم أمسك البنت من يدها وقال لها: اصعدي إلى السيارة، وبدون أي كلام صعدت وهي مطاطاة رأسها خجلا .
في الأمس القريب جاء لبيت أخيه قال له إن ملابس ابنتك الضيقة ومكياجها وتصرفاتها لا تعجبني اجعلها تستر نفسها من عيون الشباب وكل من تسول له نفسه أن يفكر من الاقتراب منها بنية الغدر أو الطمع فهي شابة والكثير يتصيد الفرصة، ولقد رأيت بعض الشباب يتحرشون بها كلما خرجت، قالت الفتاة: لا دخل لي في تصرفاتهم سألبس ما أشاء واتصرف كيفما أحب ما دام أهلي موافقون، تكلمت امها بغلظة: صحيح أنك عمها ولكن هذه ابنتي وقد ربيتها أحسن تربية فلماذا تريد أن تدخلنا في مشاكل نحن في غنى عنها؟ ثم نظرت لزوجها بحدة قائلة: ايعجبك تصرف أخيك، ألا يمكن له أن يتركنا في سلام؟.
استشاط غضبا ثم قال لأخيه: لا تتدخل في شؤون عائلتي بعد الآن وهي حرة تفعل ما تحب، عندما يأتيك أولاد قم بتربيتهم كما يحلو لك، افهمت .
قالها وهو يعلم أن اخاه لا ينجب.
فقال له اخاه: سامحك الله يا أخي، ثم خرج دون أن يزيد حرفا.
تلك الفتاة التي كانت رفقة الشاب هي إبنة أخيه التي طالما صرخت في وجهه واسمعته كلام لا يمت بالاخلاق بصلة، ويا ليت ابويها نبهاها أن هذا التصرف خطأ وأنها يجب عليها إحترام عمها، بل ساعداها ولم يتقبلا كلامه عنها ، رغم أنه من المفروض أن العم والد ثان .
وصلوا إلى بيت أخيه طرق الباب، فتح الأب فوجد ابنته وجهها ملطخ بالمكياج وبالدموع وملابسها مقطعة وأخيه يمسك بالشاب.
رماه بين يديه وهو يقول : هذا السافل حاول الإعتداء على ابنتك والسبب أنها اغرته بهندامها الضيق ومكياجها و تسريحة شعرها وطريقة تصرفاتها وضحكتها وصوتها العالي في الشارع، وكانت النتيجة التي أمام عينيك، فقد كانت على وشك أن تكون ضحية لهذا الذئب، اسمع جيدا يا أخي من الآن هذه البنت ابنتي هل تفهم عرضي وشرفي فأنت لم تقدر على تربيتها وصيانتها، سآخذها معي لأربيها على الأخلاق الفاضلة و الحميدة، أنت لا تستحق ان تناديك بأبي بعد أن سمحت لزوجتك أن تملي عليك الأوامر فأصبحت ديوثا لا يعنيه الشرف والعفة والأخلاق ترى ابنتك تخرج وهي تلبس ملابس مشينة وتضع على وجهها ما يجعل اي كلب يطاردها وأنت تعلم أنهم كثر ولا تتحرك فيك النخوة والمروءة أن تغير هذا الوضع الذي سمحت بيدك أن يكون، لم تغار على عرضك وتتركه عرضة للكلاب تنهشه بأعينهم وأنت راض، ألم تعلم ماذا قال الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم على الديوث: «اقتلوا الديوث حيث وجدتموه» ، وأنت يا زوجة أخي أين التربية الأخلاقية التي ربتكي عليها والدتك أم تريدين أن تجعلي ابنتك تحقق الحلم الذي طالما حلمت به وهو أن تفعلي ما شئتي دون رادع من أحد.
خذ هذا الشاب وافعل به ما تريد هذا إذا بقيت لديك بعض من خصال الرجال .
ثم أمسك بإبنت أخيه قائلا: من الآن أنتي ابنتي لا تخافي لن أتركك في متناول ذئاب البيت والشارع، ضمته بقوة وهي تبكي قائلة: آسفة يا عمي على كل ما فعلته لك، خذني معك فلا مكان لي هنا.
بقلم الأديبة عطر محمد لطفي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق