المقامة السحريّة
ويك أنّ أهلَ الأدبِ لهم عالمهم السّحريّ الخاصّ الذي يعيشون فيهِ مع صفوةِ أهلِ اللغةِ من العرب .
مجانبينَ لأهلِ الدّنيا ولخصوماتهم ولأحوالهم ومنازعاتهم .
يشربونَ قهوتهم الصّباحيّة معَ المتنبّي يُطارحونهُ القصيد ويسألونه من بدائعه المزيد فإذا حلّ الضّحى ركبوا صهواتِ أحلامهم قاصدينَ الحريريّ ينهلونَ من معينهِ الرويّ ويَزِنونَ ألفاظهم بميزانه السويّ .
فإذا أذّنَ المؤذّنُ لصلاةِ الظّهر طاروا إلى مدينةِ الحبيبِ ليؤدّوا الفريضَه وزاروا حسّانَ وسمعوا منهُ قريضَه ثمّ ودّعوه بالعناق وأمُّوا دمشقَ مدينةَ الأشواق فأخذوا عن الخليفةِ يزيدْ فريدتهُ التي ما كُتبَ مِثلُها مذ ألفِ عامٍ أو يزيد فبكوا عندَ قولهِ هم يحسدوني على موتي فواأسفي
ثمّ ودّعوهُ بالدّموعِ والأسفِ
فإذا قاربت الشّمسُ الغروب زاروا مدينة البحتريّ فوجدوهُ بسحرِ الكَلمِ ثريّ
ثم هجعوا إلى الفرش وفي آذانهم دويّ من صوت امرؤ القيس وهو يصيح وقد أغتدي.
فهل رأت أليس في بلاد العجائب مثلَ هذه العجائب وهل خاضَ عشّاقُ المغامرات مثل هذه المناظرات
فهنيئأ لأهلِ الأدب هذا السحر الحلال وما حباهم بهِ اللهُ من رقّةٍ في الألفاظ وعذوبة الحال.
أحمد خالد المراد
أبو أسامة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق