بمناسبة انتفاضة رجال الأقصى
قصة قصيرة / بقلم محمد على عاشور
لحظة الميلاد
نظرت الشجرة المزهرة من عليائها إلى الحجر الراسخ منذ الأزل وقالت له متعجرفة :
" أنت قابع هاهنا منذ القدم ، وأنا أعانق النسيم وأزداد طولاً ، حتى أن قاطفي أزهاري يقفون على رأسك كي يقطفوها"
رفع الحجر العتيق رأسه متأملاً ثم ابتسم في سخرية وعاود هدوءه الأزلي وتطلعه فيما حوله .
لمح من بعيد الشمس تداعبه بأشعتها الدافئة ثم تبتسم وهي تقول :
: لا تحزن ، فهي تتجاهل أن الماء الذي يرويها ينبثق من تحتك ، والزمن يمر من فوقك وأنت باق ، أما هي فقد نمت بسرعة وسيأتي اليوم الذي تفنى فيه .
نظرت الشجرة المزهرة إلى ربة النور وهي تضحك .
انتبهوا جميعا بعد سماعهم ضجيجاً في المكان ، ضباعاً مختلفة الأشكال قادمة من اتجاه الغرب، تعبث في كل شيء و هي تتقدم .
قالت الشجرة للحجر وهي تنظر إلى الشمس في سخرية :
أنظر ها قد جاء قاطفو أزهاري وسيطؤون رأسك .
بعد قليل جاء من الشرق فتيان كثر ، عيونهم جمرات ، وخطواتهم راسخة ، آخذون في الاقتراب .
تهلل وجه الحجر وهو يرى الفتية يلتقطون إخوته الصغار ويقذفون بها الضباع التي تخطفت بعض صغارهم وتحاول أن تخطف من الباقين الأقوياء.
تقلقل الحجر الراسخ في مكانه ، وثار ثورة عارمة ، وتزلزل كيانه ، ثم ما لبث أن انفجر إلى أجزاء، والشجرة المزهرة تضحك ضحكات هستيرية وهي تراه يتحول إلى صخيرات من نار في حجم قبضة اليد ، سرعان ما التقطها الصبية وقذفوا بها الضباع التي فرت هاربة خلف أشجار الغرقد.
عندها توقفت الشجرة المزهرة عن الضحك .
....................
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق