السبت، 9 نوفمبر 2024

♕ قصة .. خرق أمنى ♕ بقلم الكاتب : مصطفى علاء بركات

 ( خرق أمنى )


قصة قصيرة 

بقلم/ مصطفى علاء بركات 


أنهى ( فريد ) عمله هذا اليوم مبكراً ؛ منذ بداية الأسبوع وهو يخطط للإنصراف سريعاً هذا اليوم ، لم يجلس مع أسرته هذا الأسبوع إلا دقائق معدودة ، يعود متأخراً متعب الجسد ليس عنده أى طاقة أو قدرة على الكلام أو حتى الإستماع - برغم إزدحام الشارع أغمض عينيه فى هدوء أرجع رأسه للخلف يستشنق الهواء بقوة وراحة فتح عينيه فى هدووء ، إنتفض كل جسده اهتزت رجلاه وسرت فيه رعشة شديدة من أسفل إلى أعلى ، أمعن النظر مرة أخرى كان ذلك المبنى الأسود الضخم الذي دائمًا ما تنعكس أشعة الشمس على زجاجة الداكن من شدة لمعانه ، و قيام الشركة الحكومية المختصة بتظيفه أكثر من مرة خلال اليوم - كان هناك بالأعلى جندى بثياب عسكرية و خوذة معدنية و نظارة ضخمة عريضة مثل ما يضعها سائقى الدراجات البخارية فى ماراثون سباق السرعة ، و أمامه بندقية سوداء يصل طول ماسورتها الى حوالى نصف متر و مثبتة على حامل معدنى و فوقها منظار طويل تخرج منه نقطة ليزر حمراء ، إنكب فوقها الجندى بكامل جسده ثم تراجع للخلف و نزل للأسفل قليلاً و استعد للضغط على الزناد ... لم يتمالك نفسه ، نظر هنا و هناك - كان الشارع ممتلىء بالمارة و السيارات بطيئة متلاصقة تترقب إشارة ضابط المرور الشاب ،فالإشارات الإليكترونية تضىء طوال الوقت فقط باللون الأصفر ، لم يتم إصلاحها منذ أكثر من شهر ، جرى نحو الضابط و هو يتصبب عرقاً و يحاول الصراخ ، قفز عليه جنديان من اليسار حاول دفع أحدهما بعيداً عنه فقفز الأخر على ظهره ، ليسقط ( فريد ) على بطنه على الأرض ، وقف الأول على ركبتيه و أحاط رقبته بذراعه ووضع عصاه المعدنية فوق رأس ( فريد ) ، أخرج الضابط الشاب سلاحه و صوبه نحو ( فريد ) الذى حاول رفع يده التى أعتصروها على الأرض ليشير الى القناص بالأعلى ، كاد أن يختنق و هو يحاول فتح فمه ليتكلم فعاجلته لكمة قوية ، شعر الضابط بكلمات تتردد من السائقين و البعض يصور بكاميرات الهواتف المحمول أمرهم أن يأخذوه داخل الوحدة و فتح الطريق المزدحم لتبتعد تلك السيارات 

انطلق صوته و هو يتألم 

- يا فندم هناك بالأعلى .. هناك و هو يحاول رفع أصبعه و الجندى يضغط على ذراعه للأسفل ،

تراجع الضابط للخلف ببطء و نظر للأعلى بالخارج بحذر شديد - كان القناص واضحاً تماماً بثيابه الداكنة و سلاحه الطويل مع شمس الرابعة عصراً ، ظهر القلق على وجه الضابط الشاب و أخرج هاتفه المحمول و نظر له بريبة و أمر بتفتيشه للتأكد من أنه غير مسلح ، قام الجنود بالقائه بعنف على الأرض و أمروه بصوت مرتفع أن يرفع يديه لأعلى ، أدخلوا يديه فى كل شبر من جسده ، تناثرت أزرار قميصه العلويه و هم يبحثوا داخله عن سلاح أبيض

،، بعد عدة دقائق عاد الضابط و هو يتحاشى النظر لوجه ( فريد )

- يمكنك الانصراف .. الآن 

تحامل على ركبته متألما و قام ببطء نحو الضابط

أنصرف ! لقد جئت أبلغ عن مجرم يقتل .. لقد شاهدته و هو يعد بندقيته .. و يده .. يده على الزناد !!

نظر الضابط لأعلى جهة اليسار 

- لا يمكننى التحدث فى الأمر ، السُلطات سوف تقوم بما يلزم

- ماذا تقول ؟ ؟ أي سُلطات .. سيموت أحد الأن 

 مسح الضابط وجهه من عينيه الى رقبته 

و هو يقول بصوت منخفض

- إذا سمحت .. تفضل الأن 

- لن أمشى من هنا .. ألن تفعل شيئاً !!

ألقى الضابط سلاحه بعنف على المكتب

- نعم لن أفعل شيئاً .. و صرخ مرة أخرى بصوت مرتفع : لن أفعل شيئًا .. أتعرف لماذا ؟ 

استلمت الخدمة هنا من أسبوعين .. لأن زميلى السابق تم نقله بدون أى أسباب .. و عندما سألت 

لم أفهم شيئًا.. قالوا ضحايا ماتوا... إصابات فى منتصف الجبهة .. وضرب بقبضته بقوة على المكتب مرتين .. لم أفهم شيئاً

- اذن لماذا تتركوه ! انه أمامكم .. أدخلوا هذا المبنى و اقبضوا عليه 

جز الضابط على أسنانه 

- لا يمكن دخول هذا المبنى ..انه خاص بسفارة دولة أجنبية .. لابد من إذن من الحكومة الرسمية للدولة

أشار المبنى الذى إزداد سواداً مع قرب غروب الشمس 

- أنظر للجهة الخلفية 

نظر ( فريد ) كان هناك طائرتين هليكوبتر تدور بشكل مستمر حول المبنى و تخرج من أسفلها رشاشات معدنية بارزة 

- لو قمنا بأى تدخل ..يسمح لهم أن يستعملوا كافة الأسلحة و الذخائر 

- كيف يسمح لتلك الطائرات المسلحة بالدوران هكذا و التواجد داخل البلد !!

ابتسم الضابط فى مرارة 

- أستاذ ( فريد ) .. انها اتفاقيات دولية عالمية المستوى .. لا أنا و لا وزير الداخلية نفسه .. يمكنه فعل أى شىء !


تلقى اللاسلكى إشارة : قوة 112 تتحرك نحو شارع السلام ، مصاب بطلقة فى الرأس شاب فى العشرين ، التحرك بسرعة و إحتواء الموقف .. نفذ . 

إتسعت عينا ( فريد ) و هربت الدماء من وجهه صار فى لحظة شاحباً أصفر اللون ، وقعت عيناه على السلاح الخاص بالضابط ، إنقض عليه و قفز خارج الوحدة و جرى بسرعة شديدة وسط السيارات ، انطلق نحو المبنى الداكن ، رأى حارسان ضخام الجثة مرتديان بذلات سوداء كاملة رفع المسدس و أطلق طلقات عشوائية هنا و هناك ، سقط أحدهم على الأرض و شعر الأخر برعب شديد و رفع يده ، قفز داخل المبنى و أخذ المصعد بعد أن دفع الحارس بعنف و ضغط على الزر الأخير ، ركل الباب بقدمه و خرج قابضاً على المسدس الحكومى بكلتا يديه ، نظر يمينا ً و يساراً يبحث عن القاتل الأجنبى ، كان يلهث بشدة و نبضات قلبه مرتفعة جدا تراها عبر ثيابه المقطعة ، سمع صوت محرك الهليكوبتر المزعج يقترب فوق رأسه من بعيد ، اشتعلت منه أضواء صفراء على شكل دائرة كبيرة أحاطت به 

وجد أمامه مجموعة من الجنود و رجل أشيب الرأس كث الشارب يقف منتصباً و الغضب الشديد على وجهه و هو يصرخ فى الجنود 

ماذا تنتظرون ؟!

ارتبك الجنود ، تراخت يد ( فريد) للأسفل 

و شعر بألم شديد فى صدره ، كان الرجال يتحدثون لغته ، يشبهونه إلا انهم أكثر قتامة و برودا

سمع ( فريد ) الضابط الأشيب يتفوه بلفظ شعبى بذىء ، ثم قفز فوقه و طرح السلاح من يده

، من شدة القفزة و سرعتها سمع ( فريد ) صوت تمزق بنطال القائد العجوز من أعلى فخذيه كانت رأس فريد تحت ركبته الأخرى ، و قبل أن يغيب عن الوعى حاول رفع رأسه بضعف فسمع أصوات تكسر عظام ظهره ، و تناهى الى أذنيه صوت إعتذارات و أسف شديد ووعود مغلظة ، بأنهم سيبذلوا أقصى جهدهم لئلا يتكرر هذا الخرق الأمنى مرة أخرى .


( تمت )

الكاتب / مصطفى علاء بركات




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

♕ سايبين ذكرى ♕ بقلم الشاعر : عماد الأبنودي

 $ سايبين ذكرى  $ بقلم /عماد الأبنودي   ••••••••••••••• لسه  طيفك  اهو   بيلازمني منين  ما أروح ألقاه  قدامي  لسه   روحي  متاخده   مني  بأفت...