موكبُ العزّة
لأوّل مرّةٍ أرى العزّةَ تختالُ بين الجموعِ على ثرى السّرايا يَعلُو هامتهًا تاجُ الفخارِ، ويزينُ جبينَهَا غرّةُ النّصِر المُهْدَاة خضراءَ من فِرْدَوْسِ الخالدينَ ... تجيلُ الطّرفَ في الجموعِ لترى عِشْقًا أبَدِيّا يسكنُ العيونَ تحميهِ أهدابُ المحبّةِ والوفاءِ، تمتدُّ أيدي العاشقِين لتحظى بعطرِ الوفاءِ للأرضِ المقدّسةِ... فيبقى شذاهُ زكيا ينعشُ الذّاكرةَ كلّما زارَ التّاريخُ أيامَها، وكلّما تناقَلَتِ الخبرَ ركبانُها، إنّها هَيْبَةُ المقاوَمةِ التي مِنْ رَحِمِ الإِبَاءِ أنجبَتْ أبْطَالها؛ لتُعَلِّمَ بثقافةِ الصُّمُودِ العالمَ، وتُعِيدَ تَرْتَيبَ أبجدِيَّاتِ الكرامةِ والتحدِّي للجاهلين بمقامِهَا، فيا ليْتَكَ شَهِدْتَ المَوْكِبَ وذُقْتَ طِيبَ الجَنَى... وبِكَ ازْدَانَتْ سَاحَةُ المَجْدِ مَلِكًا مُعَظَّمَا، فقد امْتَزَجَتْ دُمُوعُ الفَرْحَةِ والأسَى، وتَعَانَقَتْ ذِكْرَاكَ شَهِيدًا بِحَقِيقَةِ الشُّمُوخِ الذي تَوَّجَ الأرْضَ وعَلَا ذِكْرُهُ في السَّمَاوَاتِ العُلَا... فَيَا أيْقُونَةَ الشّهَدَاءِ و يا أُسْطُورَةَ البَقَاءِ طَيْفُكَ يحَمْيِ القلوبَ ويَجْمَعُ الشَّمْلَ إذا ما الغَدْرُ رامَهُ أن يتشتّت...بَقِيتَ في القُلوبِ حيًّا رغمَ العِدَى؛ فما سطَّرَتْهُ يَمِينُكَ وخَطَّهُ سَيْفُكَ رَفَعَ غَزَّةَ شَامخةً تَعْلُو عَرْشَ العِزَّةِ والإِبَاء... ألا نمْ قَرِيرَ العيْنِ وتوسّدْ عَسْجَدَا فالأسُودُ بعدَك باقينَ على العهدِ حتى تَعْتَلِيَ الكرامةُ عَرْشَ السُّؤْدد... فَبِذِكْرِهِمْ يَلْهَجُ العَالَمُ مَا بَقِيَ في القُلُوبِ نبْضٌ وما عاش حيُّ.
د.سعاد براهمي
ليلة 19جانفي 2025
بئر العاتر العتيقة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق