الإيمان والحسد لا يجتمعان
إطلالة
ل عبادي عبدالباقي
الحسد
إياكم والحسد ؛ فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب .
أولاً :-
مفهوم آفة :-
كل ما يصيب شيئا فيفسده من مرض أو عيب أو ما شابه ذلك . مثل :-
آفة العلم النسيان .
الافات الاجتماعية :-
هي عبارة عن سلوكيات يقوم بها أحد الأفراد وتكون بمجملها سلبية ويمتد تأثيرها السلبي إلى الأشخاص المحيطين بهم .
توضيح آخر :-
الآفات الاجتماعية :-
مصطلح يعبر عن القضايا التي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على أفراد المجتمع بشكل سلبي ، كما يطلق على مجموعة التصرفات والسلوكيات الشاذة التي تخترق معايير المجتمع وتهدد نسيجه ، وتنتشر بين أفراده حتى تتحول إلى ظاهرة .
مثل انتشار التحرش أو التنمر أو العنصرية في مجتمع من المجتمعات.
ويعود سبب تسمية هذه المشاكل الاجتماعية بـ "الآفات" لأنها كالمرض إذا أصابت الفرد أفسدته وانتقلت العدوى والفساد للمجتمع ، فتأثيرها السلبي لا يقتصر على الفرد فقط بل على المجتمع كاملاً .
ومن أخطر آفات المجتمع الإدمان والسرقة والقتل والحسد .
ثانيا :-
الغبطة :-
أَن يتمنى المرء مثل ما للمغبوط من النعمة من غير أَن يتمنى زوالها عنه .
فهي أن يتمنى نيل وتحصيل مثل تلك النعمة.
والغبطة مباحة بدون أن يتمنى زوالها عن غيره .
ثالثا :-
الحسد :-
هو شعور عاطفي بتمني زوال قوة أو إنجاز أو ملك أو ميزة من شخص آخر والحصول عليها أو يكتفي الحاسد بالرغبة في زوالها من الآخرين .
وهو بخلاف الغبطة فإنها تمني مثلها من غير حب زوالها عن المغبوط .
رابعا :-
الشرع والحسد :-
الحسد أن يكره الإنسان ما أنعم الله به على غيره .
أمثلة : -
أن تكره أن الله أنعم على هذا الرجل بمال أو بالبنين ، أو بالزوجة أو بالعلم ، أو بالعبادة ، أو بغير ذلك من النعم ، سواء تمنيت أن تزول أم لم تتمن .
خامسا :-
أنواع الحسد :-
١- الحسد على شيء محقق : -
وهو تمني زوال النعمة عن الغير ، وتكون له دونه، وهذا شر أنواع الحسد'؛ وذلك
مثل :-
حسد الكفار للنبي صلى الله عليه وسلم على النبوة .
٢- الحسد على شيء مقدر : -
وهذا النوع من الحسد يتمنى صاحبه عدم استصحاب النعمة للمحسود ، لا في الحاضر ، ولا في المستقبل، فهو يكره أن يحدث الله لعبده نعمة .
جدير بذكر :-
جميع أنواع الحسد مذموم.
أم كلمة حدث محمود ليس هناك حدث محمود ولكن حديث الرسول صلى الله عليه.
((لا حسدَ إلا في اثنتين:-
رجل آتاه الله مالًا فسلَّطه على هَلَكَتِهِ في الحقِّ، ورجل آتاه الله الحكمةَ فهو يقضي بها ويعلمها الناسَ))؛
[صحيح البخاري ومسلم] .
يقصد لفظة حسد في هذا الحديث
حسد الغبطة .
تنبيه هام :-
يجب تمني زوال النعمة عن الكافر وعمن يستعين بها على المعصية، وليس ذلك من باب الحسد .
سادسا :-
أسباب الحسد :-
١- العداوة والبغضاء :-
فإن من أذاه إنسان بسبب من الأسباب ، وخالفه في غرضه ، أبغضه قلبه ، ورسخ في نفسه الحقد .
٢- الكبر : -
وهو أن يصيب بعض نظرائه مالا أو ولاية، فيخاف أن يتكبر عليه ولا يطيق تكبره ، أو يكون من أصاب ذلك دونه فلا يحتمل ترفعه عليه أو مساواته، وذلك مثل حسد الكفار لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال تعالى:-
" وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ "
[الزخرف: ٣١]،
وقال في حق المؤمنين:-
"أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا "
[الأنعام: ٥٣].
٣-خبث النفس وشحها :-
وذلك مثل أن تجد أحدا لا يشتغل برئاسة ولا تكبر، وإذا وصف عنده حسن حال عبد من عباد الله تعالى فيما أنعم عليه به، شق عليه ذلك، وإذا وصف له اضطراب أمور الناس وتنغيص عيشهم ، فرح به ، فهو يبخل بنعمة الله على عباده ، كأنهم يأخذون ذلك من ملكه وخزانته.
٤- التعجب :-
وذلك مثل تعجب الأمم السالفة من أن يفوز برتبة الرسالة والوحي والقرب من الله تعالى بشر مثلهم ، فحسدوهم وأحبوا زوال النبوة عنهم ؛ جزعا أن يفضل عليهم من هو مثلهم في الخلقة.
الدليل على ذلك:-
قال تعالى:-
﴿مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا﴾
[يس: ١٥].
٥- الخوف من فوت المقاصد :-
وذلك يختص بالمتزاحمين على مقصود واحد؛ فإن كل واحد يحسد صاحبه في كل نعمة؛ خوفا من فوات المقاصد ؛ مثل حسد إخوة يوسف ليوسف عليه السلام ؛
قال تعالى: -
﴿يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا﴾
[يوسف: ٥].
٦- ظهور فضيلة للمحسود .
٧- اختصاص المحسود بشيء .
٨- شح الحاسد .
٩- الأنانية وحب الذات .
١٠- التنافس على الدنيا ونعيمها الزائل:-
الدليل على ذلك: -
عن عبدالله بن عمرو بن العاص ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: -
((إذا فُتِحت عليكم فارسُ والروم، أي قوم أنتم؟ قال عبدالرحمن بن عوف:-
نقول كما أمرنا الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :-
أو غير ذلك؛ تتنافسون ثم تتحاسدون، ثم تتدابرون ثم تتباغضون، أو نحو ذلك، ثم تنطلقون في مساكن المهاجرين فتجعلون بعضهم على رقاب بعض))؛
سابعا :-
علاج الحسد :-
١- أن يبارك الحاسد أو العائن على ما يعجبه .
الدليل على ذلك :-
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعامر بن ربيعة لما عان سهل بن حنيف: ((ألَا برَّكْتَ))؛
[صحيح]؛
أي: قلت :-
اللهم بارك عليه، أو بارك الله لك وعليك، أو بارك الله فيك، أو تبارك الله أحسن الخالقين، أو نحو ذلك من الدعاء بالبركة .
٢- أن يقول الحاسد أو العائن على ما يعجبه:-
ما شاء الله لا قوة إلا بالله.
الدليل:-
قال تعالى:-
" وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا "
[الكهف: ٣٩].
٣- الإكثار من ذكر الله تعالى وتلاوة القرآن .
٤- الإيمان بقضاء الله وقدره ، وأنه لن تموت نفس حتى تستوفي أجلها ورزقها ، فلا يطمع في شيء لا يملكه.
٥- التفكّر في آيات الله ورحمته ، وقدرته وحكمته ، وأن كل خلقه وعطائه بالحق ، وأنه سبحانه ما يعطي إلا ابتلاء وفتنة .
هذا مبلغ علمى والله أعلى وأعلم.
نحبكم في الله.
لاتنسونا من صالح دعائكم.