طيور الشرفة
********
وجدتني وقد حركت فضولي
وقد أثارت فجأة كل عجبي
أتساءل.. أردد مع المثل الشعبي
لماذا اجتمع الشامي والمغربي؟!
كيف رغم هذا التباين الواضح
اجتمعا معا الداجن منهاوالجارح؟!
لايليق بها مثل هذا السكون
ماذا يبرر مثل هذا الكمون؟!
كيف لها هكذا أن تهدأ؟!
ولماذا لمثل هذا المكان تلجأ؟!
كيف لاتتنافس؟!
لماذا لاتتشاكس؟!
مالها لاتتناحر؟!
مامنعها أن تتشاجر؟!
لماذا هذه الشقة من دون شقق البناية
يبدو هكذا أنه ينتظرني هاهنا حكاية
ترى ماذا وراء خصوصية المكان؟!
تراها تنتظر هاهنا إنسان
سر ما.. يكمن وراء اجتماعها؟!
وأيا ماكان.. لن أمضي وأدعها
وحدي أمام
عصافيرويمام
أمام غربان وحمام
بكل تلك الأعداد
وكأنها على ميعاد
على اختلاف أنواعها
بمثل هذا الشكل الغريب.. الملفت
كيف يمكنني ألاأتحرك ..كيف أسكت ؟!
ترى فيم اجتماعها هذاوماذا بعد يعني؟!
ماعاد بإمكاني أن أغفلها وأمضي لشأني؟!
كيف ألملم نفس لمسلكها كم تشظت
بمهلكها كم تبعثرت؟!
كيف لي أن أستعيدها
وبهاوفيها قد تعثرت
كيف لوحيد مثلي؟!
من تؤرقه تفاصيل حلمه
يرمي وراؤه بكل هذا
ويعود من جديد
لروتين يومه
مامن شيء عنها عاد مؤكد
إلاهذا الذي يبدو عليها .. أنها تنتظر
أما ماذا أو من تنتظر
وكيف عليه هكذا تصطبر؟!
مامن أحد يمكنه في هذا
بأى شيء أن يجزم
الله خالقها فقط
وحده بها الأحق..وحده بهاالأعلم
ماذا عن حالها مع الإنتظار؟!
يقرض فيه وحده والله أشعار
تفرد له صفحات في أسفار التذكار
هناك على هذا السور
عصافير تنشر في دعة ريش الجناح
منتشية بدفء شعاع شمس الصباح
ترقد شبه مغمضة في استسلام
البعض راح بجناحين يصفق
بينما إختار غيرها أن يزقزق
يقاسمها نفس السور
بعض اليمام وجمهرة من حمام
بينما يعلق على حوائط
احاطت بجرار موصد لم يزل
يحدوها الأمل
عصافير ضاق بها السور
بخربشة محارة
فضلت بمهارة بأظفارها تتشبث
بينما حط بعضها
على طاولة
وتحت مقاعد البالكونة
لاأدري عما يبحث
فجأة وبينما يحدث كل هذا
تصلني الإجابة على ألف لماذا
تخرج تلك التي قتلني معها انتظارها
تلك التي سيبهرني حالا خبرها
كيف سمحت لنفسي أن أقلق؟!
كيف يمكن أن يكون بهذا مسموح
فهاهى أخيرا تشرق
صاحبة هذا الوجة الصبوح
على طيورخرجت علي بالأغرب
كم هالني منها.. كيف أنها لاتتهيب!!
هاقد أقبلت صاحبةالقلب الطيب
لتبدأمع طيورها حديث لاينتهي..
نعم كنت أنصت إليها وهى تتحدث
مع كل من تشبث.. مع كل من يبحث
أهذه إذن من كانت لها تنتظر؟!
لكن كيف أطمأنت هكذا لبشر؟!
وحتى صوت سحبة الجرار على علوها
مالها لم تقلقها..لم تجعلهاتفارق مكانها
لم تسارع فتحلق..لم تفر..لم تبعد عنها
عموما خرجت إليهن
نادت بحب عليهن
وطال النداء
لم يبق إلا أن تنادي
على كل واحد منها
بإسم من الأسماء
لكأنها كانت قدقطعت
معهاحديث بفاصل
ثم عادت لهن
عادت لتستأنفه معهن
عادت لتواصل
هاهى نحو الصغار منها تيمم
بدأت أولا بعصافيرها تطعم
وكأن هناك تعاقد مع كل هذه الطيور
أهم مافيه من بنود..نوعية الحب والدور
ثم ثنت باليمام فالحمام
حسبتها في لحظة قد اكتفت
ولكنها كما بالأولى قد احتفت
راحت تنثر للثانية
على كفها من الطعام
وأخيرا من فرط حنانها راحت تجود
راحت تغدق حتى على غربانها السود
وكما أحببت الظهور جربت منها الإختفاء
لكنها ما لبثت أن عادت إليها سريعا بالماء
الغريب أنها في كل هذا
كانت لاتخافها..كانت لاتهابها
ماذا يعني عندى هذا
إلا أنها فقط من قلبها تحبها
وإلا فكيف تحلق
ثم تحط على كتفها
ثم تعود فتحلق
لتحط في هذه المرة
على كفها
من يجرؤ بعد كل هذا
أن يتهمها بأنها تخافها؟!
كيف بعد كل هذا لاتنال ثقتها؟!
وهى التي لم تبخل عليها بوقتها
قدمت لها الزاد
مطعما بالوداد
هذا ماكان من خبرها
هذا ماكان من أمرها
أما أنا فقد كنت على موعد مع هدية
على موعد مع معلمة اللغة الفرنسية
تلك التي لو كانت لحكمة إلهية
قد حرمت من الذرية
إلا أنها على نفسها لم تشفق
كونها بالأطفال لم ترزق
لاأراها إلا أنها
وجدت أمومتها
الجريحةفيمن حولها
حين ارتاحت
حين راحت تفرغ مشاعر
إدخرتها لأطفالها
حين راحت تصبها
حين راحت تسكبها بحب
برحمة مخبوءة في قلب
ليس فقط على طيور الشرفة
بل حين جادت بأمومة محرومة
على قطط وكلاب شوارع
من أصحابها هى الأخرى مظلومة
باختصار أمضيت أجمل وقت
باختصار كما رأيتم قد كنت
مع واحدة من نساء الجنة
اللاتي لايدخلنها
على وفرة أعمالهن
إلا فقط لأنهن وحدهن
يشبهن الطير في كونهن
قلوبهن مثل قلوبها حانية
لذا استحقوا من رب حنون
أجرا كهذا غير ممنون
إستحقوا عليها
مثل هذه الدرجةالعالية
بقلمي: يحيى إبراهيم السيد